كيف سنواجه أنفسنا وأولادنا عندما سنُسأل لماذ سكتنا قبل الهجوم على إيران؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

·       ثمة احتمال لأن تقوم إسرائيل بمهاجمة إيران، وذلك على الرغم من معارضة الرئيس باراك أوباما المطلقة لهذا الأمر وتوسله إلينا بأن نترك هذه المهمة للولايات المتحدة. وسبب ذلك هو التفكير التاريخي والرؤية التاريخية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يعتقد أن إسرائيل هي "شعب لا يقهر" في حين أن الولايات المتحدة هي أشبه بالأشوريين أو البابليين، أي أننا نحن باقون إلى الأبد أمّا الأميركيون، وعلى الرغم من عظمتهم، فمعرضون للزوال وموقتون ولديهم اعتبارات سياسية واقتصادية، إذ إنهم يخافون من تأثير الهجوم على إيران في أسعار النفط وفي نتائج الانتخابات. فالرئيس الأميركي "الطيب القلب" يعتقد أن أعداءه يفكرون مثله بطريقة عقلانية، لكن نحن، الذين نعرف هذه الشعوب منذ أكثر من  4000 عام، ندرك كيف يجب أن نتصرف كي نحرر منطقتنا من هذا الوضع الصعب.

·       من المعروف أن رئيس الحكومة يتمتع بدعم ائتلاف واسع، ولا وجود لمعارضة قوية ضده، وهو اليوم يتصرف كما لو كان الحاكم الأوحد. إنه "بيبي الملك" وفقاً لوصف مجلة "التايم"، الأمر الذي يعني أنه عندما ستُتخذ القرارات المصيرية فإن مصير الشعب اليهودي ومستقبله سيكونان بين يدي نتنياهو وخاضعين لنظرته المتطرفة إلى العالم، كما يعني أن العديد من المواطنين الإسرائيليين من كل أنحاء الخريطة السياسية، الذين لا يريدون أن تهاجم إسرائيل إيران، بالإضافة إلى بعض زعماء الأجهزة الأمنية الذين يعارضون العملية، هم اليوم أسرى وجهة النظر المغلقة لرئيس الحكومة.

·       لدى نتنياهو شركاء مخلصون داخل الحكومة يشاركونه نظرته ويتفقون معه في قراره، وهم يتميزون عن المواطن العادي الذي يضع مستقبله بين أيديهم، بأنهم "يعرفون" ما يجري ولديهم كل "الوقائع والاعتبارات". لكن الشعب الإسرائيلي سبق أن دفع الثمن من حياته، وهو يعلم بأن زعماءه ليسوا معصومين عن الخطأ، وأنهم معرضون مثل كل إنسان للفشل، وللانجراف وراء نشوة الشعور بالقوة.

·       بناء على ذلك، ونظراً إلى أن المسألة مصيرية، يحق لنا أن نسأل مرة تلو أخرى، وأن نطلب من متخذي القرارات أن يسألوا أنفسهم وأن يجيبوا بصدق على الأسئلة التالية: هل يعرفون ويدركون كل الوقائع والاعتبارات، وهل هم مؤهلون للهجوم على إيران؟ ألا يبالغون في تقديرهم لقدرة الجيش الإسرائيلي على حل المشكلة النووية الإيرانية بصورة حاسمة، وفي التقليل من قدرات الإيرانيين؟ هل هم متأكدون من أنهم سيمنعون إيران من الحصول على القنبلة في حال قاموا بقصفها، ومن أن إيران لن تستخدم هذه القنبلة ضد إسرائيل وفي حال حصلت عليها؟ والأهم من هذا كله هل يدركون أن قرار مهاجمة دولة عظمى مثل إيران يمكن أن يكون  أكبر خطأ ارتكبته حكومة إسرائيلية؟

·       ونسأل أيضاً: لماذا لا يتحرك الوزراء والمسؤولون الكبار في الأجهزة الأمنية، الذين يعارضون في الأوساط المغلقة الهجوم على إيران، للتعبير علناً عن رأيهم؟ لماذا لا يقولون أن الهجوم على إيران سيؤخر لوقت قليل تحول إيران إلى دولة نووية، وأنهم يتخوفون من الانعكاسات البعيدة المدى لهجوم كهذا على وضع إسرائيل وربما على جوهر وجودها؟ لماذا لا يتحركون اليوم ويقولون أنهم لن يشاركوا في هذه العملية التي تنضح بجنون العظمة؟...