الرسالة التحذيرية التي يحملها الاتفاق الأميركي – الروسي إلى إيران واضحة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- مع بدء المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا في جنيف، وبعد أن أصبح واضحاً أن الهجوم الأميركي قد تأجل وبات موضع شك، سارع المعلقون إلى القول إن ما جرى شكل رسالة إلى إيران بأنه ليس عليها أن تقلق بعد الآن وأن احتمال توجيه ضربة عسكرية أميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية لم يعد مطروحاً.
- وفي الواقع فإنه حتى قبل التوصل إلى التسوية المهمة [تجريد سورية من السلاح الكيميائي] لا أساس لهذه الادعاءات. فسورية ليست إيران، والسلاح الكيميائي ليس مثل السلاح النووي، وكل محاولة للمقارنة بين مواقف الرأي العام الأميركي إزاء الهجوم العسكري على سورية وموقف هذا الجمهور الأميركي مستقبلاً من هجوم أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية لا أساس لها من الصحة.
- إن الحرب الدائرة في سورية ليست حرباً بين الطيبين والأشرار، بل هي حرب أهلية دموية تدور بين أشرار من الصعب تحديد من هو الطرف الأسوأ بينهم.
ولا ينطبق هذا الوضع على إيران ومشروعها النووي، فهنا يدور نزاع واضح بين الأشرار - إيران - والطيبين أي العالم الحر وضمنه إسرائيل. - وتشير جميع استطلاعات الرأي إلى أن إيران هي أكثر دولة مكروهة في الولايات المتحدة، وأنها تشكل في رأي الشعب الأميركي أكبر خطر على الولايات المتحدة، وليس الصين ولا روسيا، وبالتأكيد ليس سورية.
وليس هناك أي أساس للمقارنة بين السلاح الكيميائي والسلاح النووي، فالسلاح الكيميائي لا يهدد الولايات المتحدة، وليس أكيداً أنه يهدد إسرائيل. - في المقابل، يرى الرأي العام الأميركي ان امتلاك السلاح النووي من جانب النظام الأصولي في إيران يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي الأميركي. وعندما سيشرح الرئيس أوباما لشعبه أن السلاح النووي الذي تملكه إيران يمكن أن ينتقل إلى تنظيمات إرهابية على شكل قنبلة نووية تصل في حاوية إلى ميناء نيويورك، فإن التأييد وسط الرأي العام وفي الكونغرس لهجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية سيزداد بصورة كبيرة.
- إن الوضع القائم اليوم لا يقبل التأويل ورسالة التحذير التي يوجهها إلى إيران واضحة. فالاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، الذي يطلب من الأسد رغماً عن إرادته وتطلعاته، التخلص خلال نصف عام من السلاح الكيميائي ومن وسائل إنتاجه بصورة كاملة، سيشكل إذا تم تنفيذه تطوراً شديد الأهمية ونقطة تحول في السياسة العالمية، وهو إنجاز أميركي- روسي وبصورة غير مباشرة إسرائيلي. إن الخلاصات التي يمكن استنتاجها من الأيام الأخيرة، كما أشار إليها رئيس الحكومة [بنيامين نتنياهو]، هي أن الدبلوماسية التي تستند إلى التهديد بالقوة العسكرية تستطيع أن تحقق الكثير. ويمكن أن نضيف إلى ذلك استعداد الولايات المتحدة لأن ترى في روسيا شريكة لها في إدارة العالم.
لقد كان واضحاً بالنسبة لإسرائيل منذ زمن طويل أن الحل الجذري والبعيد المدى للخطر الذي يمثله السلاح النووي الإيراني يكمن في التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا. - وثبت أن روسيا لا ترغب في احتفاظ بشار الأسد بالسلاح الكيميائي، على الرغم من تأييدها له. ومن الأكيد أنها لا تريد حصول إيران على السلاح النووي.
- إن السابقة السورية للتعاون الروسي – الأميركي من شأنها أن تتكرر فيما يتعلق بإيران. وفي جميع الأحوال فإن مجرد وجود هذه الإمكانية يشكل عاملاً رادعاً لها.
- إن نموذج التحرك حيال سورية هو ما سيكون على الإيرانيين أن يتوقعوا حدوثه. وقد قال هذا بوضوح الرئيس أوباما. وتأكيداً على ذلك أوضح أن المزج بين التهديد الحقيقي باستخدام القوة والدبلوماسية الخلاقة الذي نجح في سورية، يمكن أن يرسم طريق الحل للمشكلة النووية الإيرانية.