الصفقة الروسية حول سورية: مساوئها أكثر من حسناتها بالنسبة لإسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
The Jerusalem Post
صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية، تأسست في سنة 1933، وكان اسمها في البداية "فلسطين بوست" إلى أن غيّرته في سنة 1950 إلى جيروزالم بوست. تصدر عنها نسخة باللغة الفرنسية. حتى الثمانينيات من القرن الماضي، انتهجت خطاً يسارياً، وكانت قريبة من حزب العمل الإسرائيلي، لكنها غيّرت توجُّهها وأصبحت قريبة من اليمين، ومن الوسط في إسرائيل.
- إن الصفقة الجارية برعاية روسيا وتقضي بنزع الأسلحة الكيميائية من سورية من أجل إحباط الضربة العسكرية الأميركية، هي نعمة ونقمة في آن معاً.
- الخبر السار هو أنه إذا احترم الرئيس السوري بشار الأسد الاتفاقية، مع التشديد على أداة الشرط "إذا" نظراً إلى أنه جزار فتك بعشرات الآلاف من شعبه للبقاء في السلطة، فإنه سيتم إزالة سلاح فتاك جداً من أمام عتبة إسرائيل. ولن يعود لإسرائيل سبب للقلق من الحرب الكيميائية مع خصمها اللدود على الجبهة الشمالية.
- أضف إلى ذلك أنه إذا تم تدمير أو نقل هذا المخزون، سترتاح القدس من مصدر كبير لوجع الرأس والقلق من احتمال نقل هذه الأسلحة أو "سقوطها" بيد حزب الله أو المنظمات الإرهابية الأخرى.
- وفي حين كانت التقييمات في القدس منذ فترة طويلة تعتبر أن الأسد سيتردد في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد إسرائيل خوفاً من الردّ الانتقامي، هناك قلق جدي من الإرهابيين الانتحاريين الراديكاليين الذين لن يخافوا أو يرتدعوا.
- من هنا، فإن إزالة الأسلحة الكيميائية من يد الأسد مكسب صاف بالتأكيد – وهذا هو الخبر السار. لكن الأخبار السيئة هي في بقاء الأسد في منصبه. وعليه، فإن مغزى بقائه رئيساً لسورية بعد كل ما حدث هو التالية: في القرن الحادي والعشرين، يستطيع حاكم أن يدمر أحياء ومدناً بالكامل بواسطة الصواريخ والطائرات والمدفعية وصولاً إلى استخدام غاز السارين وقتل شعبه من دون تمييز، وعلى الرغم من هذا كله يسمح له بالبقاء في سدة الحكم.
- إن صمود الأسد وربما بقاءه في السلطة في نهاية المطاف، هو سيئ لإسرائيل لأنه يرسل رسالة مطمئنة لبعض دول الجوار – ولا سيما إيران – المتربصة بإسرائيل، مفادها التالي: لا تقلقوا، فالعالم لن يتدخل، وستفلتون من العقاب.
- منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل أكثر من عامين، أراد الكثيرون معرفة من هو الفريق الذي تحبذ إسرائيل انتصاره. هل هي تفضل الأسد أي "الشيطان الذي نعرف"، أم التجمع الهجين للثوار الذين يقاتلونه والذي قد يأتي بالإخوان المسلمين إلى الحكم، لا بل أسوأ من ذلك، بتنظيم "القاعدة"؟
- بعد أن تجاوز عدد القتلى السوريين 100 ألف قتيل، بما في ذلك بضعة آلاف قضوا بالغاز القاتل، هناك شعور متزايد لدى صانعي القرار في القدس بأن من سيأتي في ما بعد لن يكون بكل بساطة، أسوأ من الأسد.
- فالأسد هو واحد من القادة الأكثر وحشية وخطورة على كوكب الأرض، لأنه متفلت من القيود. وإذا نجح في البقاء، سيتم ذلك بسبب الغطاء السياسي الروسي والدعم المادي المباشر لإيران وحزب الله.
- صحيح أن الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة سيسببون المشاكل لإسرائيل إذا تمكنوا من السيطرة على سورية. وصحيح أن جبهة الجولان الهادئة للغاية في عهدي الأسد الابن والأب منذ حرب الغفران [تشرين الأول /أكتوبر] 1973، قد تتحول إلى جحيم. لكن على الرغم من أن الإرهاب السني والتنظيمات الجهادية مثل حماس والقاعدة تهدد إسرائيل وتثير مشكلات ضخمة، إلا أن الخطر الرئيسي الذي يتهدد إسرائيل اليوم هو المحور الشيعي بقيادة إيران – الذي قد يحصل قريباً على الأسلحة النووية – والممتد من إيران مروراً بالعراق إلى سورية ولبنان.
- يجب ألّا تلهينا الأحداث الراهنة في سورية ومصر، فإيران تبقى التهديد الرئيسي لإسرائيل اليوم، وستصبح تهديداً وجودياً إذا اكتسبت أسلحة نووية. وعليه، فإن أي شيء يفيد إيران هو سيئ بالنسبة لإسرائيل. فبقاء الأسد في السلطة يفيد إيران بوصفه حلقة أخرى في محور إيران- سورية- حزب الله.
- وبرغم هول الأمر، فإن سيطرة الإخوان المسلمين أو تنظيم القاعدة على سورية هي أهون الشرين بالنسبة لإسرائيل، لأن ذلك يكسر القوس الشيعي الذي تمسكه إيران، الأمر الذي يؤدي إلى إضعافها. وعليه، فإن إسقاط الأسد سيُضعف كلاً من إيران وحزب الله، وهذا مكسب صاف لإسرائيل.
- إن الصفقة الروسية الجارية تبقي الأسد في سدة الحكم. وهذا أمر سيئ ليس فقط لأن الرجل الذي قتل الآلاف سيستمر في القتل، ولكن لأن إيران ستحتفظ بحليف استراتيجي حيوي. وبالطبع، إيران هي التحدي الأساسي الآن بالنسبة لإسرائيل، أكثر بكثير من سورية.