على إسرائيل ألاّ تكون ضالعة في إسقاط نظام الأسد
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 ·       يمكن القول إن الحرب الأهلية الدائرة في سورية ما زالت بعيدة عن نقطة النهاية. وما يسود هناك الآن هو حالة من التعادل بين المتمردين وبين قوات نظام بشار الأسد، والتي تستفيد منها أساساً الفصائل الجهادية العالمية التي تعزّز مكانتها وسيطرتها على مناطق واسعة من هذا البلد، بما في ذلك منطقة هضبة الجولان. ولا تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئاً كثيراً إزاء هذه الحالة، كما أنه لا يتعين عليها أن تبذل جهوداً كبيرة من أجل إسقاط النظام، لكن في الوقت نفسه عليها أن تعد العدّة لليوم الذي يلي سقوطه.

·       ولا بُد من الإشارة إلى أن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بسورية عامة، وبالسلاح الكيميائي الموجود في حيازتها خاصة، ليست متطابقة. فالمصلحة الاستراتيجية الرئيسية من ناحية إسرائيل تكمن في أن تكفّ سورية عن كونها عنصراً مهماً في "محور الشر" الذي تتزعمه إيران. وفي حال سقوط نظام الأسد، فإن قدرة إيران على أن تقوّض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ستتراجع كثيراً، وسيفقد حزب الله في لبنان سنداً عسكرياً ولوجستياً، وسيتقلص خطر الصواريخ الذي يهدد إسرائيل. ويبدو أن هذا ما سيحدث في نهاية الأمر لكن بالتدريج، ويفضل ألاّ تكون إسرائيل ضالعة في حدوثه.

·       فضلاً عن ذلك، فإن لدى إسرائيل مصالح أُخرى هي: أولاً، منع انتقال منظومات سلاح استراتيجية حديثة وأسلحة غير تقليدية (كيميائية وبيولوجية) من ترسانة الجيش السوري إلى يد حزب الله، ومنع الفصائل الجهادية العالمية السنّية المتطرفة الناشطة في صفوف المتمردين من السيطرة على السلاح الكيميائي؛ ثانياً، منع تحويل هضبة الجولان السورية إلى قاعدة يتم منها تنفيذ عمليات "إرهابية" وإطلاق صواريخ وقذائف هاون على الأراضي الإسرائيلية (ويمكن القول إن اتساع نطاق سيطرة المتمردين الإسلاميين على هذه المنطقة وانسحاب مزيد من قوات الجيش السوري منها يسرّع هذه العملية)؛ ثالثاً، كبح إمكان أن تكون سورية، في حال شنّ هجوم عسكري إسرائيلي أو أميركي على المنشآت النووية الإيرانية، ذراعاً لطهران، وأن تقوم مع حزب الله بإطلاق صواريخ على إسرائيل ولا سيما أن كلاً منهما يمتلك عشرات آلاف الصواريخ التي يمكن استخدامها؛ رابعاً، منع سورية من الإقدام على استخدام السلاح الاستراتيجي أو الكيميائي الموجود في حيازتها كتعبير عن يأسها من احتمال إنقاذ نظامها المتهاوي.

·       بناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يتدخل في سورية فقط في حال حدوث أحد السيناريوهات التالية: 1ـ إذا ما اتضح أن النظام السوري يقوم بعمليات نقل أسلحة حديثة استراتيجية أو كيميائية إلى حزب الله؛ 2ـ في حال تلقي معلومات موثوق بها بأن هذا النظام يُعدّ العدّة على نحو ملموس للقيام بهجوم يائس على إسرائيل من خلال ترسانة الصواريخ التي في حيازته؛ 3ـ في حال قيام المجموعات "الإرهابية" التي ترابط في الجزء السوري من هضبة الجولان بإطلاق صواريخ، أو بمحاولة تنفيذ عمليات مسلحة أو عمليات توغل على نطاق واسع عبر السياج الحدودي.

·       وفي الأحوال جميعاً، إذا ما تقرر أن تقوم إسرائيل بالتدخل في سورية، فإن تدخّلها يجب أن يكون محدوداً وموضعياً قدر الإمكان، وذلك كي لا توفر للنظام السوري المتهاوي حجة يدّعي من خلالها أنه يتعين على المتمردين وقف حربهم ضد النظام وتوحيد القوى ضد إسرائيل. إن ادعاء كهذا في الأوضاع الحالية من شأنه أن يلقى آذاناً صاغية لدى المتمردين، وأن يكلف إسرائيل ثمناً باهظاً.

·       بموازاة ذلك، فإن على إسرائيل أن تستمر في متابعة ما يحدث في جميع الأراضي السورية عن كثب، من خلال أجهزة الاستخبارات المتعددة. كما يتعين عليها أن تبحث عن حلفاء محتملين لها داخل سورية، وأن تقيم صلات معهم. ويفضّل أن يكون لدى إسرائيل، بعد سقوط نظام الأسد، حلفاء في أوساط الأقليات التي كانت موالية لهذا النظام، ومن المتوقع أن تصبح ملاحقة بعد سيطرة الفصائل الجهادية العالمية السنّية على سورية.