· في وزارة الخارجية يعترفون بأنهم أهملوا أميركا الجنوبية. وقد برز دور البرازيل، هذه الدولة الضخمة التي يبلغ عدد سكانها نحو 190 مليون نسمة، أثناء ترأسها جلسة مجلس الأمن لدى مناقشته قرار إدانة المستوطنات الإسرائيلية.
· إن البرازيل اليوم على طريق التحول من دولة عظمى إقليمية في أميركا الجنوبية إلى دولة يتعدى نفوذها حدود قارتها. وهي تملك تأثيراً كبيراً على دول أميركا الجنوبية، واستطاعت أن تجرها جميعاً وراءها للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لم تولد بعد.
· وفي الواقع فإن هذا الاعتراف ليس ثمرة تأثير البرازيل وحدها، وإنما هو أيضاً نتيجة النجاح الكبير للإستراتيجية الفلسطينية التي اعتمدت على الجالية الفلسطينية، والتي هي في جزء كبير منها مسيحية هاجرت إلى أميركا الجنوبية قبل حرب الأيام الستة.
· وتقوم الاستراتيجية الفلسطينية على استخدام أميركا الجنوبية كنقطة إنطلاق لإقناع أوروبا وإفريقيا بالإعتراف بالدولة الفلسطينية. وتعود ذريعة أميركا الجنوبية للإعتراف بالدولة الفلسطينية إلى سنة 1947، أي إلى قرار التقسيم. فالتصويت الذي جرى حينئذ لم يكن فقط على قيام دولة يهودية وإنما أيضاً على قيام دولة "عربية". يومها لم يُذكر في القرار "دولة فلسطينية"، ولكن اليوم، وبعد مرور 64 عاماً، تقوم دول أميركا الجنوبية، باستثناء كولومبيا، بتأكيد تصويتها آنذاك في صالح إنشاء دولة "عربية".
· حتى دولة تشيلي الذي يصل رئيسها هذا المساء في زيارة إلى إسرائيل اعترفت بالدولة الفلسطينية. ويبدو أن وجود 300 ألف فلسطيني هناك مقابل 250 ألف يهودي، هو الذي دفع رئيس تشيلي لاتخاذ هذا القرار. لكن على عكس سائر دول أميركا الجنوبية طلب الرئيس التشيلي د. سباستيان بينيرا بعدم تحديد حدود هذه الدولة الفلسطينية.
· وفي الإجمال، فإن موضوع الحدود هو موضوع حساس بالنسبة إلى تشيلي في ظل الخلاف في الرأي في هذا الشأن بينها وبين البيرو وبوليفيا. وسيزور الرئيس التشيلي إسرائيل والسلطة الفسطينية، ولا ينبغي معاملته كخصم لأن بلاده اعترفت بالدولة الفلسطينية، فنائبه الذي يقوم بمهامته في غيابه رودريغو هينسفتر هو يهودي من الذين يمارسون شعائرهم الدينية. وعلى الرغم من عدم وجود تمثيل للفلسطينيين في الحكومة التشيلية، لكنهم يملكون نفوذاً كبيراً في الحياة الاقتصادية للبلد.
· وباختصار هذا الأسبوع هو أسبوع أميركا الجنوبية في إسرائيل. فبالإضافة إلى الرئيس التشيلي زار إسرائيل هذا الأسبوع وزير خارجية السلفادور. تذكرنا هذه الزيارات بإهمال إسرائيل المستمر لأميركا الجنوبية. لقد حان دور أميركا الجنوبية.