خطاب نتنياهو المقبل هو فرصته الأخيرة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       سيبقى السؤال الاستراتيجي معلقاً، فلا أحد يمكنه أن يعرف ما إذا كنا سنتوصل إلى السلام مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. لكن السؤال التكتيكي بات أمراً منتهياً. فمن الواضح وضوحاً مطلقاً أن على إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها من أجل التوصل إلى السلام مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. وحتى لو كان هذا السلام مستحيلاً، فإن على إسرائيل ألا تظهر كأنها رافضة له، كما عليها أن تقدم مبادرة سلام، كي تكون في الجهة الصحيحة من الحرب من أجل السلام.

·       لكن المشكلة هي مشكلة صدقية. ففي القرن الواحد والعشرين لا تحظى إسرائيل بالصدقية السياسية بسبب احتلالها المناطق الفلسطينية. ومن هنا فإن الواجب الأول على رئيس الحكومة هو إيجاد إطار لهذه الصدقية يمكن لإسرائيل العمل ضمنه. لقد استطاع شارون الانتصار على الانتفاضة الثانية بفضل التأييد السياسي [الدولي] الذي حصل عليه إيهود باراك في مؤتمر كامب دايفيد [الذي عُقد في سنة 2000 بمشاركة عرفات]، كما استطاع شارون الفوز مرة ثانية [في انتخابات الكنيست سنة 2006] بفضل التأييد السياسي الذي حصل عليه بعد الانفصال عن غزة [في حزيران/ يونيو 2005]. كما حصل إيهود أولمرت على تأييد واسع بفضل مشاركته في مؤتمر أنابوليس [سنة 2007]. وقد حصل بنيامين نتنياهو على صدقية محدودة بفضل خطابه في جامعة بار ـ إيلان [الذي أعلن فيه موافقته على حل الدولتين]، لكن هذا التأييد السياسي تبدد حالياً.

·       لقد بات الوضع الاستراتيجي واضحاً: فمن دون تأييد سياسي ليس في إمكان إسرائيل مواجهة المشروع النووي الإيراني، والتحدي الصاروخي، والثورات الدراماتيكية في العالم العربي. فإسرائيل، تواجه حالياً تهديدات، وفي حال اضطرت إلى استخدام القوة للدفاع عن نفسها، فإنها ستواجه صعوبة في ذلك. فإصرارها على مواصلة احتلال المناطق الفلسطينية يزعزع حقها في الدفاع عن نفسها. ومن دون دعم سياسي لا قوة عسكرية لها.

·       كما أن الوضع الاقتصادي واضح أيضاً: فمن دون صدقية سياسية لا يمكن للمعجزة الاقتصادية أن تستمر طويلاً. فالاقتصاد يشهد نمواً كبيراً، والتصدير يغزو أسواقاً جديدة، وتبدو إسرائيل كنمر اقتصادي يندفع قدماً، لكن لا أحد يعرف متى تتحول دولة ذات سمعة سيئة إلى دولة مارقة، ولا أحد يعرف متى ستتحول إسرائيل إلى جنوب إفريقيا. إن الإفلاس السياسي ربما يتحول إلى إفلاس اقتصادي، وحينئذ سندرك جميعاً ما يجب أن ندركه الآن: من دون صدقية سياسية لا قوة اقتصادية لإسرائيل.

·       ولا يقل الوضع السياسي وضوحاً عما سبق: من دون صدقية سياسية، فإن رئيس الحكومة سينتهي سياسياً. لقد حدث هذا ليتسحاق شمير في سنة 1992، ولنتنياهو في سنة 1999. وهذا ما سيجري له في سنة 2011 أيضاً. ففي هذا الوضع الميؤوس منه سيبتلع أفيغدور ليبرمان الليكود، وسيلتهم أرييه درعي حزب شاس، وسيدمرباراك نفسه. وفي هذا الوضع الميؤوس منه ستتبخر الحكومة، ومن دون صدقية سياسية ستأتي نهاية رئيس الحكومة نتننياهو.

·       إن أيلول/ سبتمبر المقبل سيكون شهراً أسود. فالجمعية العمومية للأمم المتحدة ستجتمع بعد ستة أشهر لتقرر نشوء دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 من دون سلام. فإذا حدث ذلك فإنه سيكون بمثابة هزيمة سياسية لإسرائيل لم تعرف مثلها من قبل، وسيتحمل رئيس الحكومة مسؤولية هذا التقصير السياسي الخطر. وحينها ستتحول مشكلة الصدقية السياسية لإسرائيل إلى أزمة استراتيجية واقتصادية وسياسية، ويمكن الشعور بالزلزال في كل مكان، وسيطرد نتنياهو من مكتبة ذليلاً.

·       إن المطلوب اليوم هو خطاب بار ـ إيلان 2، لكن هل لدى نتنياهو الجرأة والشجاعة كي يقول كلمته؟ وهل سيكون لديه القدرة على إلقاء خطاب تشرشلي اللهجة، يتضمن خطة سياسية حقيقية لتفكيك الإمبراطوية في مقابل إنقاذ الدولة؟ إن الخطاب المقبل لنتنياهو هو فرصته الأخيرة.