· ليس من المبالغة القول إن هجمة الصواريخ التي تعرضت لها إسرائيل في إثر إقدامها، في نهاية الأسبوع الفائت، على اغتيال زهير القيسي، قائد لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة، لم تفاجئ أحداً، ذلك بأنه على مدار أعوام العقد الفائت لم تقع عملية اغتيال بحق نشيطين فلسطينيين إلا وجرّت وراءها عمليات إطلاق صواريخ مكثفة على إسرائيل.
· وما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن هو أن عمليات اغتيال نشيطين فلسطينيين في أثناء أعوام الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت سلاحاً مجدياً في يد إسرائيل في مجال مكافحة "الإرهاب" لكنها لم تعد كذلك الآن نتيجة التغيرات التي طرأت على عمل المنظمات الفلسطينية كلها، والتي بسببها لم يعد قائد هذه المنظمة أو تلك هو الشخص الأهم والمحوري فيها، وبالتالي فإن التعرّض له لا يلحق أضراراً فادحة بالقدرة العملانية لمنظمته، كما كانت الحال في السابق.
· فضلاً عن ذلك فإن عمليات اغتيال النشيطين لم تعد قادرة على تقويض دوافع المنظمات الفلسطينية لشن عمليات مسلحة ضد إسرائيل، وإنما على العكس، فهذه المنظمات ترد على أي عملية اغتيال من خلال إطلاق الصواريخ بصورة مكثفة على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وقد أصبحت لديها كمية كبيرة من الصواريخ التي جرى تهريبها عبر الأنفاق، وفي إمكان جزء من هذه الصواريخ أن يصل إلى مشارف مدينة تل أبيب.
· كما تجدر الإشارة إلى أن سبب الكف عن شن عمليات مسلحة من الضفة الغربية لا يعود إلى أداء جهاز الأمن العام [شاباك] أو الجيش الإسرائيلي، وإنما إلى اتخاذ الفلسطينيين بقيادة السلطة الفلسطينية قراراً مبدئياً يقضي بوقف أي عمليات مسلحة بسبب عدم جدواها في الوقت الحالي بالنسبة إلى الكفاح القومي الفلسطيني. وما يجب ملاحظته هو أن هذا الموقف إزاء جدوى العمليات المسلحة بدأ يتغلغل أيضاً إلى قطاع غزة منذ اندلاع ثورات "الربيع العربي"، كما يدل على ذلك إعلان حركة "حماس" على رؤوس الأشهاد مؤخراً أن الكفاح الشعبي يعتبر مجدياً أكثر في الوقت الحالي.
إزاء هذا كله، يتعين على إسرائيل أن تجد الطريق ولو غير المباشر لإجراء اتصال مع "حماس" والتحادث معها بغية التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد. ولا شك في أن خطوة كهذه ستحظى على الفور بتأييد مصر ومباركتها، وربما تؤدي إلى أن تتحمل "حماس" مسؤوليتها الأمنية الكاملة عن قطاع غزة، بما في ذلك المسؤولية عن وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.