· ستدخل الشهور الستة التي أعقبت انتهاء حرب لبنان الثانية إلى الذاكرة باعتبارها أيضاً شهور فقدان قوة الردع الإسرائيلية. فما عاد أعداؤنا يهابون جانبنا، مع أنّ قوتنا تفوق قوتهم آلاف المرات. في قطاع غزة يطلقون صواريخ القسّام على الرغم من الهدنة، ويرفضون الإفراج عن جلعاد شاليط قبل إطلاق سراح مئات "المخربين". وفي لبنان يواصل حزب الله تهريب الصواريخ من سورية واحتجاز الجنديين الإسرائيليين المختطفين في ظل تعتيم كامل. ولأن قوة الردع ناجمة عن الانطباع الذي يتكون لجهة الضعف أو الحزم، فإنّ أي إشارة تدل على الضعف تُفهم على أنها برهان على الضعف. والشهور الأخيرة كانت زاخرة بإشارات الضعف.
يمكن أن نذكر من بين هذه الإشارات ما يلي: عدم الإصرار على تحقيق غايات المعركة، إيلاء اعتبار زائد عن الحد لمواقف أصدقائنا حيال تفعيل القوة، الحساسية الزائدة للخسائر في صفوف جنودنا والامتناع عن إلحاق الضرر بالمدنيين بين صفوف العدو. في هذا الشأن الأخير نشير إلى أن عمليات القصف المستمرة التي قام بها سلاح الجوّ في سنة 1970 ضد أهداف مدنية في الأردن أدت إلى إثارة السكان هناك ضد عمليات م. ت. ف.، وأتاحت للملك حسين القدرة على طرد المنظمة من الأردن. كما دفعت عمليات الجيش الإسرائيلي ضد قواعد م. ت. ف. في قرى جنوب لبنان في سنوات السبعينات، الشيعة إلى محاربة وجود المنظمة بين صفوفهم. أمّا الامتناع عن العمل ضد أهداف مدنية في قطاع غزة فقد مكّن "المخربين" في العام الماضي من مواصلة إطلاق صواريخ القسّام من دون تعرضهم للضغط، بل مكنتهم من اختطاف جلعاد شاليط.