هل ستغير إدارة أوباما موقفها الرافض لعملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

·       في الخامس من شباط/فبراير الماضي قال الرئيس الأميركي في مقابلة أجرتها معه شبكة "إن بي سي" رداً على سؤال عمّا إذا كانت إسرائيل تنوي مهاجمة إيران، إنه يعتقد أن إسرائيل لم تقرر بعد ماذا عليها أن تفعل تجاه إيران، مشدداً على أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان يداً بيد لمنع إيران من التحول إلى قوة نووية.

·       وكان، قبل أيام معدودة، قد نُقل عن وزير الدفاع الأميركي تقديره أن ثمة احتمال كبير لأن تهاجم إسرائيل إيران قبل حزيران/يوينو المقبل.

·       على الرغم من ذلك، ينبغي التشديد على أن هذه التصريحات الأميركية لم تتضمن تهديداً ضمنياً موجهاً إلى إسرائيل في حال قررت مهاجمة إيران. ويحفل تاريخ العلاقات بين الإدارات الأميركية وبين إسرائيل بحالات هددت فيها الولايات المتحدة إسرائيل بخطوات عقابية في حال لم تستجب لرغبتها، وحتى خلال الحوار الذي أجراه الرئيس أوباما مع إسرائيل بشأن العملية السلمية وتجميد البناء في المستوطنات سمعنا مثل هذه التهديدات المبطنة والعلنية عن العقوبات التي قد تتخذها الإدارة في حال لم تستجب إسرائيل لمطالبها. واليوم وفي مواجهة مشكلة مصيرية بالنسبة إلى دولة إسرائيل والشرق الأوسط والولايات المتحدة، لم تقل الإدارة الأميركية لإسرائيل أن عدم تجاوبها مع الموقف الأميركي بشأن إيران سيجعلها تدفع الثمن.

·       فهل هذه التصريحات هي بداية تغير محتمل في موقف الإدارة الأميركية من عملية عسكرية ضد إيران؟ من الصعب إعطاء جواب قاطع على هذه المسألة. لكن في حال كان الأمر كذلك، فإن هذا يعود بصورة رئيسية إلى التقديرات الأميركية المستجدّة بشأن مدى فعالية العملية السياسية - الاقتصادية والعمليات السرية ضد إيران. ومن المحتمل جداً أن تكون الإدارة الأميركية تعمل على مستويين متوازيين: المستوى الأول هو دعوة إسرائيل عبر رسائلها إلى إعطاء فرصة للتحرك السياسي والاقتصادي ضد إيران على أمل أن يدفع ذلك هذه الأخيرة إلى وقف مساعيها النووية. أمّا على المستوى الثاني، فمن الممكن أنه بدأ يتضح للإدارة الأميركية أن "سلة العقوبات" المفروضة على إيران ليست كافية لردعها، بل على العكس، أدت إلى تسريع مساعي إيران للحصول على القدرة النووية. ولا تستطيع إدارة أوباما أن تتجاهل إقدام النظام الإيراني في الآونة الأخيرة على زيادة حدة مواقفه وتصريحاته واستفزازاته كي يظهر ثقته في نفسه في مواجهة التهديدات الموجه إليه.

·       ثمة مخاوف كبيرة لدى الإدارة الأميركية من نتائج عملية عسكرية أميركية ضد إيران عرضها أكثر من مسؤول أميركي. وحتى الرئيس أوباما تحدث في المقابلة المذكورة أعلاه عن النتائج السلبية لعملية كهذه، مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، والعمليات الانتقامية ضد القوات الأميركية في أفغانستان، والهجوم على الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة، وغيرها. وسوف يحدث هذا كله في وقت يمر فيه الشرق الأوسط باضطربات تحدث تغييراً تاريخياً في المنطقة لم يسبق له مثيل. ويتخوف المقربون من الإدارة الأميركية من أن تؤدي العملية العسكرية ضد إيران إلى زيادة العداء للولايات المتحدة في الدول الإسلامية، الأمر الذي سيقضي على المساعي التي يبذلها الرئيس أوباما لتحقيق المصالحة بين الولايات المتحدة والدول العربية.

·       في ظل هذه الظروف، ما زالت الإدارة الأميركية متمسكة بتقديرها أن سياسة العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية والعمليات السرية ستؤدي في نهاية المطاف إلى دفع إيران إلى إبداء مرونة في مواقفها والاستجابة للمطالب المطروحة عليها. لكن في الوقت نفسه، فإن الإدارة الأميركية تأخذ في حساباتها أيضاً احتمال ألاّ تؤدي المساعي المبذولة في حجمها الحالي ضد إيران إلى وقف مساعيها للحصول على القدرة النووية. حينئذ ستجد الإدارة الأميركية نفسها أمام معضلة، إمّا القبول بإيران نووية وإمّا القيام بعملية عسكرية ضدها، إذ تدرك الإدارة جيداً المخاطر المترتبة على إيران النووية، مثلما تدرك المخاطر الناجمة عن عملية عسكرية أميركية ضد إيران.

·       لكن المطروح أيضاً عملية عسكرية إسرائيلية، إذ على الرغم من المواقف الأميركية الرافضة لها، فإن تصرف الإدارة الأميركية في هذا الشأن، ولا سيما غياب أي تهديد لإسرائيل في حال لم تمتنع من القيام بعملية عسكرية ضد إيران، يظهر عدم وجود قرار أميركي نهائي في هذا الخصوص. وربما في المستقبل القريب، وكلما اقتربت "لحظة الحقيقة"، يمكن أن تغير الإدارة الأميركية موقفها الحالي الرافض لعملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران.