من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· بعد زيارة الرئيس باراك أوباما لإسرائيل، وزيارة وزير خارجيته جون كيري أيضاً، يتعين علينا إجراء نقاش رصين للعلاقة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة، ولا سيما بشأن كل ما يتعلق بعقيدتنا الأمنية.
· ففي الفترة الأخيرة تناولت عدة أبحاث ومقالات العقيدة الأمنية التي وضعها دافيد بن - غوريون، وعبّرت عن إعجابها بالرؤية الخلاّقة لهذا اليهودي الشاب الذي وصل إلى إسرائيل من روسيا من دون أي خلفية أو تجربة. وفي الواقع فإن عقيدة إسرائيل الأمنية لم يجر تحديثها منذ ذلك الوقت حتى تعيين لجنة مريدور التي كانت مهمتها وضع عقيدة أمنية حديثة. وقد انتهت هذه اللجنة من وضع توصياتها في سنة 2006، وباتت هذه التوصيات معروفة لدى واضعي السياسات في الدولة، لكن مصيرها غير واضح.
· وشملت العناصر التي اعتمد عليها بن - غوريون في عقيدته الأمنية أربعة مجالات: ثلاثة منها ما زالت سارية المفعول حتى اليوم وهي: الردع والإنذار والحسم، أمّا المجال الرابع، الذي لم يحظ دائماً بالاهتمام المطلوب، فتناول العلاقة بالدول العظمى. وفي البداية كان الأمر يتعلق بفرنسا التي نشأت معها علاقات استراتيجية، ثم كانت الولايات المتحدة فيما بعد.
· لقد كان الردع وما زال العامل الأكثر أهمية، وهذا لا ينطبق على العقيدة الأمنية الإسرائيلية فقط. صحيح أن الحسم في وقت الحرب أساسي جداً، لكن في ظل غياب اتفاقات سلام، فإن الردع يصبح قادراً على الحؤول دون وقوع هجمات معادية، الأمر الذي يجعل العناصر الأُخرى زائدة عن اللزوم. لكن إلى جانب ذلك، ثمة عنصر مهم جداً هو العلاقات الاستراتيجية الخارجية والمتمثلة، بصورة خاصة، من خلال العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. فمن المهم أن يجري تطوير العلاقات بين البلدين بحيث تصبح حجراً أساسياً في العقيدة الأمنية الحالية لدولة إسرائيل.
· إن تحوّل إيران إلى دولة نووية، واحتمال حصول دول أُخرى أو تنظيمات معادية لإسرائيل على القدرة النووية، من شأنهما أن يغيرا موازين القوى في المنطقة، وأن يكون لهما انعكاسات على قدرتنا على الردع. إن نشوء مثل هذا العهد الجديد، وما قد يؤدي إليه من تآكل في التفوق الإسرائيلي، يحتّمان تعزيز عنصر الردع الذي يؤدي دوراً أساسياً في العقيدة الأمنية. ومع كل احترامي لإسرائيل كقوة إقليمية، إلاّ إنها بحاجة إلى تحالف مع دولة عظمى عالمياً.
· من هنا ضرورة البحث بصورة جذرية في سبل المحافظة على العلاقات المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وفي كيفية تطويرها، بحيث تصبح ذات وزن في معالجة التهديدات الاستثنائية، وفي ردع أي هجوم على إسرائيل، ولا سيما الهجوم النووي. وفي الحقيقة، توجد بين إسرائيل والولايات المتحدة علاقات استراتيجية وثيقة، وهناك مَن يقول إنها توطدت في الفترة الأخيرة، لكن هذه العلاقات عرفت كثيراً من الصعود والهبوط، وفي بعض الأحيان تعمد إسرائيل إلى التقليل من أهميتها.
· بناء على ذلك، يجب القيام برفع مستوى العلاقات ووضعها في قالب ثابت بالتنسيق بين الدولتين، وذلك، قبل أي شيء، من خلال بناء الثقة التي لا تتحقق إلاّ عبر اهتمام كل مهما بمصالح الآخر. وربما يبدو من الغريب المطالبة بالمساواة بين إسرائيل والولايات المتحدة نظراً إلى الفارق الكبير في حجميهما، لكن إذا كانت إسرائيل قلقة مثلاً، إزاء بيع الولايات المتحدة أنواعاً من السلاح إلى دول معادية لها، فإن من الأفضل أن تتجاوب الولايات المتحدة مع طلب إسرائيل الامتناع من عمليات البيع هذه. وفي حال كانت الولايات المتحدة قلقه إزاء تصاعد قوة دولة معينة، مثل تركيا على سبيل المثال، فعلى إسرائيل أن تتجاوب معها. ومن هنا، فإن إسرائيل فعلت حسناً عندما أخذت في اعتبارها الموقف الاستراتيجي الأميركي من تركيا، إذ إنها استطاعت بهذه الطريقة توطيد الثقة في العلاقات بين الدولتين.
· وفي المقابل، فإن البناء في المستوطنات، الذي هو موضع خلاف، مباشرة بعد التصويت الأميركي إلى جانب الموقف الإسرائيلي [الفيتو الأميركي على الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة] هو أمر يحرج الولايات المتحدة، ويلحق الضرر بالثقة بين الدولتين.
· إن أهمية العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تكمن فقط في المناورات المشتركة، ولا في المساعدات المالية، أو في الحصول على السلاح، بل أيضاً في استخدام الولايات المتحدة حقّ الفيتو في مجلس الأمن فيما يتعلق بموضوعات تهمّ إسرائيل.
· كما يمكن القول إن الأهمية الأساسية للتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة هو في تعزيز قدرة إسرائيل على الردع. وعندما يقول الرئيس أوباما: "أنتم لستم وحدكم"، فإنه يعزز عنصر الردع. لكن هذا وحده لا يكفي، إذ على إسرائيل إيجاد الفرصة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، ويمكن الافتراض أن مثل هذه الفرصة يتجلى في تطوير العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين.
· وعلى أية حال، فإن إسرائيل تحتاج اليوم إلى العنصر الأساسي في عقيدتها الأمنية كما وضعها بن - غوريون، وهو التحالف مع دول عظمى عالمية. وكل مَن يعتقد أن هذا دليل ضعف ولا يتلاءم مع زمننا الحاضر هو على خطأ.