معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· منذ وصول نظام آيات الله إلى السلطة في إيران سنة 1979، ومساعدته في إقامة تنظيم حزب الله في لبنان سنة 1982، استخدم هذا النظام الإرهاب كأداة سياسية في صراعاته وضد أعدائه في الداخل والخارج. طبعاً، خلال الأعوام التي تلت الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة [في 11 أيلول/سبتمبر 2001]، قلص النظام الإيراني هجماته الإرهابية وعمليات حزب الله الذي يرعاه في الساحة الدولية. بيد أن الهجمات الأخيرة التي تحمل البصمات الإيرانية الواضحة تنبىء بأن إيران وحزب الله قد عادا إلى عاداتهما القديمة، الأمر الذي يطرح على المجتمع الدولي اليوم وأجهزتة الأمنية تحدياً مهماً وهو إحباط هذه الهجمات في حال تواصلت. من هنا، علينا درس توجهات النظام الإيراني في المستقبل القريب، وذلك في ظل تزايد حدة الحظر والعقوبات الدولية المفروضة على النظام الحالي في إيران.
· في الماضي استخدم النظام الإيراني عدداً من التنظيمات الإرهابية من أجل القيام بهجمات في شتى أنحاء العالم، فاغتال عدداً من الشخصيات الإيرانية المنفية في دول أوروبية، وقام بتدريب حزب الله على خطف الأشخاص والطائرات وإرسال الانتحاريين للقيام بهجمات في مختلف أنحاء العالم. كما سعى النظام لرفع مستوى قدرات مجموعات مختارة من المقاتلين وتحويلهم إلى جيش "إرهابي" جيد التدريب وذي خبرة ومزود بسلاح متطور. وكان الهدف من هذه السياسة الدفاع عن مصالح إيران الجيو- استراتيجية في مواجهة أعدائها مثل إسرائيل، من خلال زيادة القوة العسكرية لحزب الله و"حماس" والجهاد الإسلامي، وفي مواجهة الولايات المتحدة، من خلال دعم جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ومجموعات أخرى في العراق. وكان واضحاً في الفترة الأخيرة أن النظام الإيراني اختار تقليص نشاط هذه المجموعات الإرهابية التي تعمل تحت إمرته في عدد من الدول.
· أدى اغتيال عماد مغنية في شباط/فبراير 2008، الحليف القديم للنظام الإيراني ورجل الاتصال والمسؤول عن التعاون العسكري بين هذا النظام وبين حزب الله، إلى اتخاذ قرار مشترك بين النظام في طهران وبين حزب الله بالانتقام من إسرائيل التي اتهماها بأنها المسؤولة عن الاغتيال. وفور موت مغنية في دمشق، قامت عناصر من حزب الله بمساعدة إيران بتنفيذ عدد من العمليات الانتقامية التي لم تنجح حتى اليوم. لكن عندما بدأت إيران نفسها تتعرض لعمليات إرهابية واغتيالات وفرار مسؤولين في الحرس الثوري وفي الصناعة النووية إلى الخارج، اجتمعت لدى النظام الإيراني الرغبة في الانتقام وفي تغيير قواعد اللعبة السائدة بين حزب الله وإيران من جهة وبين إسرائيل وحلفائها من جهة أخرى. وجاء ذلك في ظل الضغوط الاقتصادية التي مورست ضد إيران، إذ أرادت هذه الأخيرة أن توضح لجميع أعدائها أنها تملك وسائل قاسية للرد بما فيها استخدام الإرهاب على الصعيد الدولي.
· علينا ألا ننسى أن التحالف بين إيران وحزب الله ليس تحالفاً بين متساوين، فالنظام الإيراني كان ويبقى الطرف المهمين، وتخضع سياسة حزب الله لاعتباراته، ولا سيما في مسائل أساسية وذات أهمية استراتيجية. كما أن حزب لله ليس مخولاً اتخاذ قرارت مستقلة تتصل بمسائل السلم والحرب، أو عمليات إرهابية دولية من دون الحصول على فتوى من جانب خامنئي. وعلى الرغم من امتلاك جهاز الهجمات الخارجية في حزب الله القدرة المستقلة على تنفيذ هجمات كبيرة في الخارج، فإن أتباعه قادرون عند الحاجة على الحصول على المساعدة اللوجستية والعملانية من حرس الثورة ومن الاستخبارات الإيرانية من أجل تنفيذ مهماتهم في العالم.
· رغم فشل الهجمات الأخيرة التي قام بها عملاء إيران وحزب الله، ينبغي لنا ألا نستخف بقدرة هذا الجهاز الإرهابي في المستقبل. إن العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد إيران، والتلميحات والتهديدات الأميركية والإسرائيلية بالقيام بعملية عسكرية محتملة ضدها، والرد الضعيف للدول التي تمت فيها الهجمات التي لم تتسبب بأضرار ولم توقع قتلى، من شأن ذلك كله تشجيع إيران وحزب الله على العودة إلى استخدام سلاح الإرهاب بصورة مكثفة على الساحة الدولية.
أمّا بالنسبة إلى إسرائيل فالهجوم المركز الذي تعرضت له ممثلياتها ومواطنيها هي بمثابة اختبار لاستمرار سياسة ضبط النفس في مواجهة التهديدات. لقد اكتفت إسرائيل في المرحلة الحالية بتشديد إجراءات الحماية لبعثاتها الرسمية، وبالطلب من مواطنيها الحيطة والحذر. لكن في حال استمرار إيران وحزب الله في هجماتهما، أو نجاحهما في تكبيد الإسرائيليين خسائر حقيقية، سيتوجب على الحكومة الإسرائيلية الرد بقوة، الأمر الذي قد يشعل المنطقة برمتها.