إضراب السجين خضر عدنان عن الطعام حقق انتصاراً
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·       لا أعرف خضر عدنان، السجين الفلسطيني المضرب عن الطعام منذ 65 يوماً [عمره 33 عاماً، من سكان بلدة عرابة قضاء جنين، ويصفه جهاز الأمن العام- شاباك- الذي اعتقله إدارياً قبل أكثر من شهرين بأنه من كبار قادة حركة "الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية، وكان قد اعتقل في الماضي إدارياً وأمضى عدة محكوميات في السجون الإسرائيلية بتهم أمنية متعددة]. ولا أعرف أيضاً ما هي التهم الموجهة إليه. كذلك فإن عدنان نفسه ومحاميه لا يعرفون أيضاً ما هي تهمته. ربما كان القاضي العسكري المطلع - الذي قال "إذا كان السجين [خضر عدنان] يريد الامتناع من تناول الطعام فهذا حقه" - هو الذي يعرف فقط ما هي تهمة عدنان. وفقط قبل عدة أيام، وفي إثر مطالبة المسؤولين عن اعتقال السجين ولفت انتباههم إلى ضرورة مراعاة القوانين التي تحظر تكبيل مريض بالقيود وهو راقد على سرير المستشفى، أزيلت القيود التي كبل بها السجين المضرب عن الطعام. لكن إذا كان من حق السجين، كما يقول القاضي العسكري، عدم تناول الطعام، فما الذي يجب أن يفعله أطباء المستشفى وهم يشاهدون إنسانا يوشك على الموت أمام أنظارهم؟ هل يجوز لهم مجاراة رأي هذا القاضي بشأن ترك إنسان يموت إذا ما كان "راغباً" في ذلك؟

·       وحتى إذا كانت هناك ضد عدنان اتهامات علنية وصحيحة وخطرة، وأنه كان "قنبلة موقوتة" لدى اعتقاله، فإن دولة قوية مثل إسرائيل، تهدد إيران وتتحدى دول أوروبا، تملك من دون أدنى شك وسائل كافية لحماية أمنها إزاء سجين عنيد بمفرده، حتى لو كان من أخطر المجرمين.

·       إن ما يطالب خضر عدنان به لا يختلف عما يطالب به أي سجين أو معتقل آخر: معرفة أسباب اعتقاله، وما هي التهمة المنسوبة إليه؟ وحتى في عهد النظام السوفياتي الرهيب، الذي زج بآلاف الأطباء اليهود وأعضاء الحزب [الشيوعي] المخلصين في السجون، كان المعتقلون يتسلمون "لوائح اتهام" وإن كانت عديمة الأساس، وبالتالي تمت المحافظة على القانون ولو ظاهرياً.

·       إن خضر عدنان يدنو من الموت في دولة تسمي نفسها يهودية وديمقراطية، ويوجد فيها قضاة ومجلس تشريعي، وكل طواحين العدل فيها تعمل حسب الأصول والقانون. ولقد تنقل هذا الرجل طوال الأسبوع ونصف الأسبوع الفائتين بين خمس مؤسسات طبية وهو مقيد إلى السرير، ولم يحظ بعيادة طبيب لا يخدم كطبيب- سجان إلاّ بعد نضال واحتجاج. 

·       إن الإضراب عن الطعام هو آخر سلاح في يد من جردوا من كل وسائل الاحتجاج الأخرى، وحرب الاستهتار بالمضرب عن الطعام لا بد من أن تنتهي بانتصار المضرب، حتى وإن كان ينهي حياته بهذا الانتصار، بينما يحيط به سجانون مسلحون وهو على فراش الموت. والموت هنا على سرير المستشفى يبدو أشبه بالحادث الذي أقدم فيه ذلك المواطن التونسي [محمد البوعزيزي] على إحراق نفسه بسكب مادة مشتعلة على جسده. غير أن ما يقلقني، أكثر من لائحة الاتهام التي لا نعرف شيئاً عنها، هو أن المسؤولين عن الأمن لدينا يتلهون بأعواد الثقاب بالقرب من صهريج وقود.

·       أمّا أطباء المستشفى الذين يقفون أمام سجين ولا يعرفون مثله ما هي تهمته، فإن من واجبهم، بحكم مهنتهم، العمل على إنقاذ حياته، فتلك هي وظيفة الطبيب (خلافاً لوظيفة القاضي الذي يحرس القانون). وفي هذه الحالة، فإن إنقاذ حياة خضر عدنان غير مرهون بطب جيد، وإنما بمطلب اجتماعي- سياسي: مطلب إطلاق سراحه.

·       لو كنت أنا الطبيب الذي يعالج عدنان لكنت توجهت إليه طالباً منه العودة إلى تناول الطعام، وبذلك ينقذ حياته، فإضرابه عن الطعام حقق انتصاراً. فضلاً عن ذلك أرى من واجبي أن أدعو السلطات المسؤولة إلى إطلاق سراحه من الاعتقال الإداري فوراً.