طلب الفلسطينيين الانضمام إلى 15 معاهدة دولية خطوة نحو الاستقلال وتلميح بالتوجه نحو المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      من بين المعاهدات الدولية الـ15 التي يطالب الفلسطينيون بالانضمام إليها، هناك معاهدة حقوق الإنسان - اتفاقية جنيف الرابعة، والاتفاقيات التي تنظم العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، و"معاهدة المعاهدات" التي تنظم موضوع الاتفاقات المتعلقة بالقانون الدولي. 

·      واللافت أن الفلسطينيين لم يقدموا طلباً للانضمام إلى معاهدة روما التي كانت في أساس إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ومن صلاحيتها النظر في دعاوى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. لكن من المحتمل أن تكون هذه الخطوات "توجهاً" نحو طلب من هذا النوع مستقبلاً.

·      عندما طلب الفلسطينيون من المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية النظر في جرائم الحرب التي ارتكبت خلال عملية "الرصاص المسبوك" في غزة، رد المدعي العام سنة 2012 بأنه ليس واضحاً ما إذا كانت فلسطين دولة. فاستناداً إلى القانون الدولي، الدول فقط تستطيع أن تمنح موافقتها على الدعاوى المتعلقة بجرائم وقعت على أراضيها (على الرغم من وجود استثناء لهذا القانون، إذ لا حاجة إلى هذه الموافقة عندما يحوّل مجلس الأمن في الأمم المتحدة ملف الدعوى، كما أنه يمكن إجراء المحاكمة بموافقة من دولة المتهم).

·      ويومها قال المدعي العام إن فلسطين معترف بها في الأمم المتحدة بوصفها عضواً "مراقباً"، لكن إذا تغيرت الأوضاع فإنه سيكون قادراً على درس دعوى الجرائم التي ارتكبت على أراضيها. كما شدد يومها على أن صلاحيات تصنيف كيان معين "دولة" في اتفاقية روما محصورة بالأمين العام للأمم المتحدة. وفي الحالات التي يظهر فيها الشك، يطبق الأمين العام التوجيهات الصادرة عن الجمعية العامة للأم المتحدة.

·      في تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 2012، قررت الجمعية العامة بأغلبية كبيرة، الاعتراف بفلسطين "دولة غير عضو". ولكن بالرغم من ذلك، فإن فلسطين لن تنجح في الحصول على عضوية الأمم المتحدة في وقت قريب، لأن ذلك يحتاج إلى توصية من مجلس الأمن حيث من المتوقع أن يستخدم الأميركيون حق الفيتو. لكن عندما يطالب الفلسطينيون بالانضمام إلى معاهدات دولية، فإن وثائق الانضمام موجودة بيد الأمين العام للأمم المتحدة إلى حيث ستنتقل الكرة الملتهبة.

·      ففي ضوء قرار الجمعية العامة التي تشكل الهيئة التي يأخذ منها الأمين العام توجيهاته في مثل هذه الحالات، يبدو أنه سيكون من الصعب عليه رفض قبول الوثائق التي قدمها الفلسطينيون للانضمام إلى المعاهدات. وحتى لو طلب رأي الجمعية العامة، فمن المتوقع أنها ستتعامل مع فلسطين بوصفها دولة.

·      إن المعاهدات التي تطالب فلسطين بالانضمام إليها تفرض عليها واجبات في مجال حقوق الانسان والقانون الانساني. فعلى سبيل المثال ستضطر فلسطين إلى تقديم تقارير إلى هيئات الأمم المتحدة التي تراقب تطبيق هذه المعاهدات، مثلها مثل إسرائيل ودول أخرى. ونجاح الخطوة الفلسطينية سيوضح لإسرائيل وللعالم، أنه في ما بعد يمكن أن تنضم فلسطين أيضاً إلى اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.

·      فإذا جرى هذا بعد أن تصبح فلسطين عضواً في المعاهدات الدولية الأساسية الـ15، فإن هذا سيجعل من الصعب على المدعي العام في المحكمة الدولية رفضها بحجة أنه ليس واضحاً ما إذا كانت دولة. وهذا سيفتح الباب أمام التحقيق مع إسرائيليين في المحكمة الدولية سواء في ما يتعلق بحوادث قتل فلسطينيين أو في ما يتعلق بالمستوطنات، لأن قانون المحكمة الدولية يمنع دولة محتلة من نقل سكانها المدنيين إلى أراض تحتلها.

·      تشكل فلسطين وضعاً خاصاً، فالاحتلال لا يمنع سيادة الدولة، لكن للحصول على الاعتراف بها كدولة يجب أن تفرض سيطرتها الفعلية على الأراضي التي يعيش فيها سكانها، وأن تثبت استقلالاً سياسياً. فهل يمكن نشوء دولة في ظل وضع احتلال لم ينته بعد؟ على الأرجح، ستشغل هذه المفارقة القانونيين سنوات عدة. 

عملياً، تبدو الخطوة الفلسطينية الأخيرة خطوة إضافية من أجل تأسيس مكانة فلسطين كدولة، وهي أيضاً تحذير موجه إلى إسرائيل من احتمال جر ممثليها إلى مقاعد الاتهام في لاهاي.