· يهدف الكلام الذي قاله أمس رئيس الأركان بني غانتس أمام لجنة الخارجية والأمن إلى توضيح المعضلة التي تواجهها إسرائيل الآن في سورية لأعضاء اللجنة والجمهور.
· قد تستطيع إسرائيل انتظار اللحظة التي سيحاول فيها حزب الله أو عناصر تابعة للجهاد الإسلامي السيطرة على السلاح الكيماوي السوري (وهذا ليس بالأمر البسيط ويتطلب من الحزب قدرة عملانية تفترض الجمع بين عدد من العناصر) كي تقوم حينها بهجوم مركز على القافلة التي تشحن هذا السلاح وهي في طريقها إلى سهل البقاع في لبنان، أو إلى الحدود العراقية. وستكون هذه عملية محدودة ومبررة ومفيدة، لكنها تتطلب جهداً كبيراً من جانب جهاز الاستخبارات، الذي سيكون عليه أن يحدد زمن انتقال هذا السلاح ووجهته.
· من جهة أخرى، فإن الهجوم بصورة مسبقة على منظومة السلاح الكيماوي في سورية، من مخازن ومنصات إطلاق، من شأنه أن يشعل ناراً كبيرة جداً، لأنه يتطلب قصف منظومات سلاح سورية أخرى لضمان حرية التحرك، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في الصراع الداخلي السوري، وسيكون له تبعات دولية كبيرة، ولا سيما في ظل الجهود التي تبذلها العديد من الدول وعلى رأسها فرنسا وروسيا من أجل المجيء بحكم جديد إلى سورية. وإذا كان من الممكن أن تقبل هذه الدول بعملية عسكرية إسرائيلية محدودة ومبررة لمنع وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيد أجنبية، فإنها لن تتساهل إزاء هجوم واسع. وهذا ما شرحه غانتس بالأمس، محذراً من أن أي هجوم معناه الحرب.
· لكن كلام غانتس تضمن أموراً مهمة جداً. فإسرائيل ليست قلقة فقط إزاء إمكان انتقال السلاح الكيماوي إلى يد حزب الله، بل أيضاً من إمكان انتقال منظومات السلاح المتطورة المضادة للطائرات. فقد بذلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأجنبية جهوداً كبيرة في الأسابيع الأخيرة في تعقب أسلحة الدمار الشامل التي يملكها النظام السوري الآخذ في الانهيار. وحتى الآن، وفقاً لما قاله غانتس وغلعاد، لا يوجد دليل على أن الرئيس السوري لم يعد يسيطر على هذا السلاح.
· في المقابل، بدأت تظهر في الكواليس داخل إسرائيل وجهات نظر تقول إن الوقت حان لتسوية بعض الأمور. وثمة من يقول إن على إسرائيل الرد على هجوم بورغاس وتوجيه ضربة قاسية إلى حزب الله تردعه عن القيام بشيء غير مقبول في سورية، وتذكره بما سيحدث له في حال حاول الرد على هجوم ضد إيران، وتمهد الطريق للقيام بهذا الهجوم مع خوف أقل مما يمكن أن تواجهه الجبهة الخلفية.
· يهدف كلام غانتس إلى تذكير السياسيين الذي يرغبون في تسوية الأوضاع في الشرق الأوسط بالقوة ومن خلال استخدام طائرات إف-16، بأن محاولات إسرائيل السابقة لإقامة نظام سياسي جديد بالقوة انتهت، عموما، بصورة سيئة، كما يهدف إلى تذكير المسؤولين بأن الدخول في معركة على الجبهة الشمالية سيؤدي حتماً إلى تعرض الجبهة الخلفية لقصف صاروخي، الأمر الذي سيجعل الهجوم على إيران أمراً صعباً، وسيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي وعلى الجبهة الخلفية الإسرائيلية القيام بهاتين المهمتين في آن معاً.
· يواجه الأمن الإسرائيلي وضعاً شديد التعقيد، فلكل خطوة انعكاساتها، والمطروح ليس الاختيار بين السيىء والجيد، وإنما بين عدد من البدائل التي ينطوي كل واحد منها على خطر كبير.