عواصم العالم تنتظر رد فعل الإدارة الأميركية على استخدام السلاح الكيميائي في سورية
تاريخ المقال
المصدر
- تتابع عواصم العالم بما فيها القدس وطهران، باهتمام شديد، رد فعل واشنطن على الأدلة الجديدة بشأن استخدام سلاح كيميائي في سورية. وهذ مسألة مهمة بصورة خاصة بعد تعهدات الرئيس أوباما في نيسان/أبريل الماضي بأن استخدام السلاح الكيميائي "يغيّر قوانين اللعبة" (وفي هذه المناسبة اعترف الرئيس للمرة الأولى علناً باستخدام السلاح الكيميائي في سورية).
- لكن الرد المناسب لم يأت. وأكثر من ذلك، فقد استطاع الأسد منذ ذلك الحين تحسين وضعه العسكري بمساعدة تدخل كل من إيران وحزب الله. ومما لا شك فيه أن الحكم الجديد في طهران يدرس تعهدات الرئيس الأميركي هذه، في ظل التعهدات الأخرى له المتعلقة بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
- كيف نفسر السياسة الخارجية الأميركية على هذا الصعيد؟ صحيح أن الرئيس ليس المقرر الوحيد في هذا المجال، لكن يبقى البيت الأبيض هو الجهة الأساسية - قانونياً وعملياً - التي تقوم بوضع وتنفيذ سياسة الأمن القومي لواشنطن.
- من مفارقات السياسة العالمية أنه عندما ينتخب المواطن الأميركي رئيسه يكون عملياً انتخب زعيماً للعالم الحر.
- في مقالة ممتازة ستنشرها المجلة المرموقة "Commentary" يصف إليوت أبراهامس نائب مستشار الأمن القومي أيام الرئيس بوش، رئاسة أوباما بأنها "رئاسة المواطن العالمي". وتعود هذه التسمية إلى تصريحات أدلى بها أوباما سنة 2008 في برلين حين قال إنه لا يرى نفسه رئيساً للعالم الحر، بل مواطناً متساوياً مع سائر المواطنين في العالم. وتتعارض هذه النظرة مع موقف الرئاسات الأميركية السابقة التي لم تكن مستعدة للتنازل عن زعامة ومسؤولية الولايات المتحدة عن العالم الحر وغير الحر. وحتى الرئيس جيمي كارتر الذي يتحمل المسؤولية عن سيطرة الإسلام الشيعي على الحكم في طهران، أدرك في نهاية ولايته أن على بلاده كبح المحاولات التوسعية للاتحاد السوفياتي.
- لا نستطيع تفسير طبيعة رئاسة أوباما بالضعف، أو بالصفة الكلاسيكية لرئيس ليبرالي يلتزم حقوق الإنسان. فالمعروف عامة أن الضعفاء لا يصلون إلى البيت الأبيض، كما أن المواجهات التي خاضها أوباما مع الكونغرس المحافظ لا تدل على رجل ضعيف.
- والليبراليون من جهة أخرى، لا يتجاهلون حقوق الإنسان مثلما فعل أوباما أثناء الاضطرابات التي حدثت في طهران [قمع تظاهرات الاصلاحيين سنة 2009] ولا كما يتصرف اليوم في سورية. كما أن تبرير ذلك بنزعة انعزلية أميركية لا يبدو مقنعاً لأن التدخل الحثيث لوزير الخارجية الأميركي جون كيري في الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي لا ينطبق عليه التوجه الانعزالي.
- مما لا شك فيه أن أوباما هو رئيس كثير الشكوك يريد أن يحمي رئاسته من أي مشكلة. وعلى الأرجح، فإن الولايات المتحدة في ظل أوباما لن تتدخل في الموضوع السوري أو في موضوعات شرق أوسطية أخرى، إلا في حال شعر أوباما بأن عدم تدخلها يشكل خطراً على رئاسته.
- وفي الواقع، فإن الحرب المستمرة التي يخوضها أوباما ضد القاعدة بكل الوسائل التي يملكها ليست دليلاً على رئيس يفضل الانعزال، بل على رئيس يعمل بإصرار وفقاً للمصالح الضيقة للبيت الأبيض.
- من ناحية أخرى يخطط أوباما لإخراج الولايات المتحدة من المناطق التي تشهد حروباً متواصلة، لأن هذا الأمر يساعده ويقوي موقعه في واشنطن. وفي حال اقتنع بأن السلاح الكيميائي استخدم في سورية، فهو قد يتدخل بالتنسيق مع أطراف دولية أخرى.