ما هي أهداف الحرب الارهابية التي يشنها حزب الله وإيران في الخارج؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

·       يمكن القول أن الاعتداء الدموي الذي وقع في بوغارس وأدى إلى مقتل خمسة سياح إسرائيليين ومواطن بلغاري هو جزء من هجوم واسع مشترك ومخطط له يجري على الساحة الدولية خلال هذا العام ويقوم به كل من حزب الله وإيران ضد أهداف إسرائيلية ويهودية. قد يكون السبب المباشر للاعتداء الأخير هو الرغبة في الانتقام وخلق توازن رعب مع إسرائيل، لكن على الرغم من ذلك، ثمة سؤال أساسي يطرح نفسه هو: هل وراء الاستفزاز المقصود استراتيجيا هدفها خدمة مصلحة إيرانية أوسع؟

·       لقد بدأ حزب الله حربه الإرهابية الدولية ضد إسرائيل بعد وقت قصير من الاغتيال الذي وقع في دمشق في شباط/فبراير 2008  واستهدف عماد مغنية، أهم قائد عسكري لحزب الله، والشخص الذي تولى لأكثر من عقدين قيادة الحرب الارهابية التي قام بها الحزب بمساعدة إيران في لبنان وفي أنحاء العالم. وقد اتهم كلٌ من حزب الله وإيران إسرائيل باغتيال مغنية وصرح الأمين العام للحزب حسن نصر الله بأن الحزب سوف يدّفع إسرائيل الثمن غالياً. وقد حاول  الحزب تنفيذ تهديداته، وقام بعدة محاولات فاشلة في عدد من الدول مثل أذربيجان ومصر وتركيا وتايلندا وقبرص قبل حدوث هجوم بلغاريا.

·       برز التورط المباشر لإيران في عمليات حزب الله في الاعتراف العلني لزعماء الحزب اللبناني بأن خامنئي، الزعيم الأعلى في إيران، هو المرجع الفقهي الذي يجيز القيام بمثل هذه العمليات، فيما يشرف قادة في الحرس الثوري في لبنان وفي إيران على إعداد وتنسيق الجانب التنفيذي لهذه العمليات.

·       إلى جانب نشاط جهاز العمليات الخارجية التابع لحزب الله، تقوم إيران باستخدام جهازها الارهابي ضد إسرائيل بصورة مباشرة، وذلك عبر عملائها وممثليها في عدد من الدول المختلفة. وقد شهد هذا العام محاولات اعتداء من جانب إيران في أذربيجان وتركيا والهند وتايلندا وكينا. وباستثناء الهجوم الذي وقع في نيودلهي وأدى إلى جرح زوجة ديبلوماسي إسرائيلي، فإن جميع هذه الهجمات فشلت. وربما هذا هو السبب الذي دفع بالإيراينيين إلى الاشراف الدقيق على تنفيذ الهجوم الأخير في بلغاريا لضمان نجاحه، وكي يرمموا صورة حزب الله، ويبعثوا برسالة قوية إلى الزعامات الإسرائيلية وإلى زعماء دول الائتلاف الدولي الذي يقوم بفرض العقوبات على إيران فحواها أن إيران قادرة على العودة مجدداً إلى استخدام سلاح الارهاب الدولي مثلما فعلت قبل عقد ونصف العقد لدى وصول نظام آيات الله إلى السلطة.

·       من الصعب حاليا أن يتم بدقة تحديد الاستراتيجيا الإيرانية الكامنة وراء استفزاز حزب الله المقصود لإسرائيل. لكن يمكننا التقدير بأن الوضع الصعب الذي تجد فيه إيران نفسها، لا سيما في ظل مقتل علمائها النوويين داخل أراضيها، ومهاجمة صناعتها النووية بالوسائل الالكترونية، والتهديدات بشن عملية عسكرية في وقت قريب، وحركة السفن الحربية الأميركية في منطقة الخليج التي تشكل تهديداً لنفوذها في المنقطة، واشتداد الحصار الاقتصادي عليها كجزء من نظام العقوبات الدولية، هذا الوضع من المحتمل أن يكون قد سرّع في اتخاذ قادتها قرار شن حملة ارهاب دولية. إذ تستطيع إيران بهذه الطريقة نقل رسائل تهديد مع المحافظة على قدرة تكذيب (Plausible deniability). كما من المحتمل أن إيران قررت التحرك لوضع حد للهدوء الذي يسود الحدود الإسرائيلية – اللبنانية المستمر منذ ستة أعوام، أي منذ انتهاء حرب لبنان الثانية.

·       إن التحدي المطروح اليوم أمام مسوؤلي الأجهزة الاستخبارتية في إسرائيل هو معرفة ما إذا كانت الرسالة الموجهه إلى إسرائيل من جانب جهاز الارهاب المشترك بين حزب الله وإيران هي أن إيران لن تقبل المزيد من الهجمات الإسرائيلية ضدها، وأن الهجمات الارهابية ضد أهداف إسرائيلية في الخارج لن تتوقف إلا عندما تتوقف إسرائيل عن عملياتها ضد إيران وحزب الله، أم أن هناك اعتبارات إيرانية أخرى وأكثر شمولاً تهدف إلى جر إسرائيل إلى رد قاس ضد حزب الله في لبنان رداً على الهجمات في الخارج. ومثل هذا الرد مرغوب من جانب الإيرانيين لأنه قد يؤدي إلى جر إسرائيل نحو حرب شاملة ضد لبنان، تدفع فيها إسرائيل ثمناً باهظاً وتشغلها عن الاستعداد لمهاجمة إيران، كما تصرف الانتباه عما يجري في سورية.

·       من المنتظر أن يؤدي التحقيق الجاري في ليماسول حالياً مع عنصر ينتمي إلى خلية تابعة لحزب الله قيل أنه كان يحضر لهجوم على أهداف إسرائيلية، إلى القاء الضوء على النوايا الحقيقية لإيران. وبالاستناد إلى ما نشرته وسائل الاعلام بعد القاء القبض على المتهم فإنه كان يملك معلومات استخباراتية تتعلق بسياح إسرائيليين وبطائرة إسرائيلية كانت ستحط في الجزيرة. وفي حال اتضح وجود خطة للاعتداء على طائرة إسرائيلية، فإن هذا الأمر كان من شأنه أن يتسبب بمقتل عدد كبير من الإسرائيليين، وأن يشكل"ذريعة للحرب" ويضطر إسرائيل إلى الرد بصورة قاسية جداً ضد حزب الله في لبنان وضد إيران.

·       إن تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فور وقوع الهجوم التي اتهم فيها إيران بالمسؤولية عن الارهاب الدولي الموجه ضد المدنيين الإسرائيليين، والتي قال فيها إن إسرائيل سترد على الهجوم، هي تصريحات مبررة وصحيحة وتدخل ضمن الجهد الإسرائيلي لوقف النهج الإيراني غير المسؤول في مجالي الارهاب والسلاح النووي. لكن على الرغم من ذلك، فإن الاضطرابات التي تحدث في الدول المحيطة بإسرائيل، وحال عدم الاستقرار للأنظمة السائدة هناك يضع إسرائيل في مواجهة تحديات أمنية معقدة، ويتطلب من قادتها التفكير بصورة واضحة وواقعية في كيفية الرد الى الاستفزازت الموجهة ضدها من جانب التنظيمات الارهابية التي تعمل في خدمة المصالح الأجنبية، والتي تريد توريط إسرائيل في قتال مع جيرانها.

·       لذا يتعين على إسرائيل انتهاج سياسة متزنة وأن ترد بصورة مركزة وسرية ضد منفذي العمليات الارهابية ومن يقف وراءهم. كما يتعين عليها ألا تنجر إلى دوامة دموية وحرب من شأنها مساعدة الأطراف التي تقف اليوم في الجانب الخاسر من التاريخ والتي تريد أن تحول الغضب ضدها في اتجاه إسرائيل، وهذه الأطراف هي إيران وحزب الله وسورية.