خياران سيئان أمام الأميركيين: إما تمديد المفاوضات سنة أو طرح وثيقة إطار لن تحظى بموافقة الطرفين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      عشية اللقاء في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفلسطيني محمود عباس، يبدو أن مبادرة السلام الأميركية التي بدأت قبل ثمانية أشهر بلغت مراحل متقدمة من الاحتضار. فهناك ثغرات كبيرة بين الطرفين، ومطالب علنية أدت إلى تصلب المواقف، وعدم ثقة كبيرة بين الزعامتين في القدس وفي رام الله.

·      ومن غير المتوقع أن يؤدي الاجتماع بين أوباما وعباس إلى تغيير دراماتيكي في الوضع السيئ الذي وصلت إليه عملية السلام، إذ يصل عباس إلى المكتب البيضاوي كي يعبر عن رفضه لوثيقة الإطار الأميركية. وكان الرئيس الفلسطيني بذل العام الماضي كل ما في وسعه لتجنب الخلاف مع الولايات المتحدة، لكن مستشاريه أقنعوه بأنه يستطيع أن يقول "لا" لأوباما وأن يعود سالماً إلى بلده.

·      لقد ركز الأميركيون وبصورة خاصة جون كيري، خلال الأشهر الأخيرة على خطة أساسية هي تقديم وثيقة إطار تشمل مبادئ الحل للمشكلات الجوهرية وتشكل قاعدة لمواصلة المفاوضات. وعلى الرغم من وجود تفاهم معين بين إسرائيل والولايات المتحدة حيال جزء من بنود الوثيقة، إلا أنه لا يوجد بند واحد من هذه الورقة الأميركية يحظى بموافقة كلٍّ من إسرائيل والفلسطينيين.

·      في الأشهر الأخيرة أعرب كيري عن تفاؤل كبير بشأن التوصل إلى وضع وثيقة إطار، لكنه أخطأ في قراءة الوقائع وفي تقدير هامش المرونة لدى الطرفين. وليس من الواضح ما إذا كان لم يفهم الوضع، أم أنه ببساطة سمع ما رغب سماعه واعتقد أنه سينجح في التوصل إلى مثل هذه الوثيقة في كانون الأول/ديسمبر. لكن مرت ثلاثة أشهر منذ ذلك الحين، من دون أن تبرز مثل هذه الورقة في الأفق.

·      بعد انتهاء اللقاء بين أوباما وعباس ستبدأ واشنطن في الإقرار نهائياً بعدم القدرة على التوصل إلى وثيقة إطار متفق عليها. وعندما يحدث ذلك، سيجد الأميركيون أن لديهم 11 يوماً فقط لوضع خطة بديلة. وحتى 28 آذار/مارس، إذا لم يجر التوصل إلى مثل هذه الخطة التي من المفترض أن تسمح بتمديد المفاوضات، فإن إسرائيل لن تنفذ المرحلة الرابعة التي تعهدت بها في موضوع إطلاق الأسرى، مما سيقرب موعد الانهيار النهائي للعملية السلمية.

·      سيكون على الأميركيين الاختيار بين خيارين سيئين: الحصول من عباس على تعهد بأنه لن يتوجه إلى الأمم المتحدة، ومن نتنياهو على بادرة من نوع إطلاق أسرى جدد أو كبح البناء في المستوطنات، إلى جانب تمديد المحادثات من دون وثيقة إطار. وهذا الأمر سيؤجل الأزمة تسعة أشهر أو سنة لكنه لن يؤدي سوى إلى محادثات عقيمة.

·      أما الخيار الثاني فهو أن تُطرح على الطرفين وثيقة إطار أميركية تتضمن مبادئ الحل لجميع المشكلات الجوهرية وتدعو الطرفين إلى إجراء مفاوضات على أساسها. ومثل هذا الاقتراح الذي يطرح كل شيء أو لا شيء، قد يؤدي إلى انعطافة، لكنه ينطوي على خطر أن يرفضه الطرفان رفضاً قاطعاً. وحينئذ لا يبقى أمام إدارة أوباما سوى الاعتراف بفشلها وإعلان انسحابها من عملية السلام.

·      لا يرغب نتنياهو ولا عباس في انهيار عملية السلام، كما أنهما لا يريدان أن يُتهما بالمسؤولية عن فشلها، ويريد كلاهما المحافظة على الوضع القائم. وإذا كان الأميركيون لا يزالون يحلمون بتحقيق تقدم ما، فإن عليهم أن يوضحوا للزعيمين وخاصة عباس، ما هي انعكاسات فشل العملية السلمية على علاقتهما مع الولايات المتحدة.

 

المزيد ضمن العدد 1856