ثلاث سنوات على الحرب السورية، روسيا وحزب الله وإيران سبب صمود الأسد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      مع بداية السنة الرابعة للحرب الأهلية في سورية، تركز وسائل الإعلام العالمية على انجاز جديد لنظام الأسد، الذي بحسب أجهزة الاستخبارات الغربية كان ينبغي أن ينتهي دوره منذ وقت طويل. فقد استطاعت قوات الجيش السوري بمساعدة مقاتلي حزب الله، التقدم في اتجاه البلدة الحدودية يبرود الواقعة إلى الشمال من دمشق بالقرب من الحدود مع لبنان، وحققت انتصاراً على تنظيمات الثوار. ويأتي هذا النجاح النسبي للقوات الموالية للأسد في جبال القلمون لينضم إلى نجاحات سابقة مثل احتلال القصير في الصيف الماضي، والمعارك في جبال القلمون في الأشهر الأخيرة. فإذا استطاع النظام السوري أن يحكم سيطرته على يبرود ويطرد الثوار من هذه المنطقة، فإن هذا سيحسن قدرة النظام على الدفاع عن خطوط إمدادته، القادمة من شمال سورية في اتجاه دمشق. 

·      من الأفضل عدم المبالغة في أهمية الإنجاز التكتيكي في يبرود، فالتحول الأساسي في سورية جرى العام الماضي عندما نجح الطاغية السوري في وقف هجمات الثوار في أجزاء كبيرة من سورية، كما أن التصاعد في قوة الفصائل القريبة من القاعدة وسط تنظيمات المعارضة، ردع أوروبا والولايات المتحدة عن زيادة دعمهما للثوار.

·      ويعود صمود الأسد بصورة خاصة إلى المساعدة الخارجية من روسيا وإيران وحزب الله، وبسبب الكميات الكبيرة من السلاح والمال إلى جانب المستشارين والمتطوعين الذين جاؤوا لمساعدة النظام على الصمود. وعلى ما يبدو، فإن سقوط النظام في السنة الرابعة للحرب لن يحدث إلا في حال نجح الثوار في القضاء جسدياً على الرئيس السوري. 

·      ومع مرور الوقت تبرز أهمية الدعم الروسي للأسد، فبعد السنة الأولى من المعارك وحين بدا أن الأسد على وشك الهزيمة، ذكرت وسائل الاعلام في موسكو أن روسيا قررت إخراج جميع مستشاريها وخبرائها من سورية. ولكن ذلك لم يتحقق بصورة كاملة، وفي الشهور الأخيرة عادت روسيا إلى الصورة بملء قوتها.

·      واليوم، ينشط المستشارون الروس على جميع المستويات في النظام وفي قوات الأمن، بدءاً من تقديم المساعدة لرئيس الأركان السوري، وصولاً إلى تدريب القوات على الأرض. ويتدفق عبر ميناء طرطوس في شمال سورية حيث لروسيا مرفأ خاص تحت سيطرتها، السلاح والذخيرة لنظام الأسد، ويجري تهريب جزء منه إلى حزب الله في لبنان.

·      وفيما تتهم إسرائيل إيران بالمساهمة في المذبحة التي يرتكبها الأسد ضد السنّة، نراها تحافظ على الصمت حيال كل ما يتعلق بالتدخل الروسي في ما يحدث. 

·      يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده لن تتخلى عن أصدقائها القدماء، ناهيك عن أن قيام حكم إسلامي متشدد على غرار القاعدة في سورية ليس من مصلحة روسيا. وعندما ظهر تورط الأسد في مقتل 1500 مواطن سوري بالسلاح الكيميائي في ضاحية دمشق في آب/أغسطس الماضي، كانت روسيا هي من أنقذه من ضائقته، وسمح اتفاق تجريد سورية من سلاحها الكيميائي الذي جرى التوصل إليه بين بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما، ببقاء نظام الأسد ومنع في اللحظة الاخيرة هجوماً عسكرياً أميركياً.

·      من جهة أخرى، يجب عدم المبالغة بالقدرة العسكرية للنظام السوري، وأبرز دليل على ذلك المعارك التي نشبت في الجولان بالقرب من الحدود مع إسرائيل في مطلع هذا الشهر. ففي السنة الأخيرة استكملت تنظيمات الثوار سيطرتها على ما يقارب 80% من المناطق المتاخمة للحدود مع إسرائيل. ووجدت سرية من الجيش السوري النظامي نفسها محاصرة في موقع تل كودنه في وسط الهضبة. وأعلن النظام عن قيامه بعملية إنقاذ للجنود المحاصرين، وكلفت قيادة فيلق بالعملية واستخدمت في جهودها عدة كتائب واستعانت بالهجمات الجوية ونيران المدفعية من أجل رفع الحصار. وعلى الرغم من التفوق الكبير في عدد الجنود ونوعية الأسلحة، فشلت العملية.

·      إن المسألة التي يجب أن تثير قلق إسرائيل هي دور حزب الله في الحرب، فمما لا شك فيه أن هذه الحرب أعطت الحزب خبرة عسكرية واضحة وثقة بالنفس بسبب مساهمته في نجاحات الأسد. ومن جهة أخرى، تشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه يوجد في سورية بشكل دائم نحو 5000 مقاتل من حزب الله، أي ربع قواته النظامية. واعترفت مصادر في الحزب الأسبوع الماضي بمقتل أكثر من 500 من مقاتليه في المعارك. والأخطر من ذلك بالنسبة للحزب، أن مشاركته في القتال حملت الحرب في سورية إلى لبنان، إلى البلدات الشيعية في البقاع وإلى مربع الضاحية في بيروت الجنوبية.

·      لكن الوضع الراهن ينطوي على خطر آخر بالنسبة لإسرائيل، ففي يوم الجمعة الماضي انفجرت عبوة ناسفة في هار دوف [مزارع شبعا] لدى مرور دورية تابعة للجيش الإسرائيلي. ويبدو أن هذا كان رد الحزب على قصف قافلة السلاح التابعة له داخل لبنان في نهاية شباط/فبراير الماضي، وبرأيه، فإن من قام به هو سلاح الجو الإسرائيلي.

·      وفي الواقع، فإن استمرار الحرب في سورية يساهم في زعزعة الأمن على حدود إسرائيل في الشمال، على الرغم من أن هذا يجري حتى الآن، بوتيرة منخفضة وبقوة محدودة.

 

المزيد ضمن العدد 1856