إيهود أولمرت: كنت قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق دائم مع محمود عباس
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

تقوم صحيفة "يديعوت أحرونوت" بنشر مقاطع من كتاب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت، الذي سيصدر قريباً عن دار النشر "يديعوت سفاريم". وفي هذه المقاطع يكشف أولمرت النقاب عن تفصيلات تتعلق بالمفاوضات المباشرة التي أجراها في أثناء ولايته مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وياتي هذا بالتزامن مع قيام شبكة الجزيرة بكشف وثائق هذه المفاوضات.

ويؤكد أولمرت في أحد هذه المقاطع أنه في أواسط آب/ أغسطس 2006، وفي إثر وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية [بعد انتهاء حرب لبنان الثانية]، عاد إلى الاهتمام بموضوع تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين، وأصدر أوامر تقضي بتمرير رسائل إلى عباس فحواها أنه على استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة، الأمر الذي أسفر عن عقد أول لقاء بين الزعيمين. وكتب أولمرت في هذا الشأن: "كان الهدف الرئيسي لأول لقاء هو إيجاد أجواء مريحة تتيح لنا إمكان الاستمرار في عقد اللقاءات على نحو دائم... وفي ختام اللقاء طلب عباس أن نقوم بالإفراج عن أموال الضرائب التي تعود للسلطة الفلسطينية". وأضاف أولمرت أن عباس أوضح له أنه بحاجة إلى 50 مليون شيكل على الفور، لكن رئيس الحكومة أكد أنه وفقاً لحسابات إسرائيل فإن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى 100 مليون دولار وأن إسرائيل على استعداد لنقل هذا المبلغ إليها فوراً، الأمر الذي أحدث صدمة كبيرة لدى المسؤولين الفلسطينيين. وقال أولمرت إن الهدف الرئيسي من عرضه هذا كان التأكيد للفلسطينيين أن إسرائيل جادة بشأن المفاوضات ولا تنوي أن تكسب الوقت فقط، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص حكوا له في وقت لاحق أن عباس عندما استقل سيارته الرئاسية في ختام ذلك اللقاء قال للشخص الذي كان جالساً إلى جانبه: "يبدو أننا سنبدأ فترة جديدة كلياً. إن ما حدث مغاير لما كان في الماضي كله".

وفي مقطع آخر يؤكد أولمرت أن حكومته استمرت في أعمال البناء في المستوطنات بصورة محدودة، وعلى الرغم من ذلك فإن المفاوضات استمرت هي أيضاً، مشيراً إلى أن الفلسطينيين أبدوا حساسية خاصة إزاء أعمال البناء في منطقة E1 التي تقع بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، وادعوا أن أعمال البناء في هذه المنطقة ستشكل عائقاً أمام التواصل الجغرافي بين بيت لحم ورام الله. وأضاف أولمرت أنه وعد الأميركيين بعدم القيام بأي أعمال بناء في هذه المنطقة، باستثناء مركز الشرطة الذي كانت عملية بنائه على وشك الانتهاء، مؤكداً ما يلي "لقد أوضحت لكل من الأميركيين والفلسطينيين أن إسرائيل لن توافق على أن تكون هذه المنطقة ضمن المناطق التي سيتم الانسحاب منها في المستقبل. كما أنه كان واضحاً أن أعمال البناء في المناطق [المحتلة] والقدس [الشرقية] ستستمر، وأن الأميركيين والفلسطينيين غير موافقين على ذلك ". وأشار أولمرت إلى أنه "فقط بعد تغيير الحكومة في إسرائيل في نيسان/ أبريل 2009، وبعد تسلم الرئيس باراك أوباما إدارة دفة الإدارة الأميركية، أصبحت مسألة تجميد أعمال البناء في المناطق [المحتلة] موضع خلافات حادة. وأنا أعتقد أن هذا خطأ فادح، كما أن انجرار الإدارة الأميركية إلى هذا الفخّ أثار أسفي الشديد".

ويكتب أولمرت في مقطع ثالث عن الاتفاق النهائي الذي اقترحه على عباس قائلاً: "في 16 أيلول/ سبتمبر 2008 عُقد لقاء آخر بيني وبين عباس، وقد عرضت في أثنائه مبادئ التسوية الدائمة التي أقترحها. وبعد انتهائي من العرض أطلق عباس تنهيدة عميقة وطلب أن يرى الخريطة التي أعددتها فعرضتها عليه، وقد تبادلنا النظرات فيما بيننا والتزم عباس الصمت. وفي واقع الأمر فإنه لم يسبق لأي رئيس حكومة في إسرائيل أن قام بعرض موقف مبلور ومفصل لحل النزاع مثل الموقف الذي عرضته في ذلك اليوم. وقال عباس إنه لا يستطيع أن يقرّر بسرعة وإنه بحاجة إلى وقت، فقلت له إنه يرتكب بذلك خطأ تاريخياً. وقال لي: أعطني الخريطة كي يكون في إمكاني أن أتشاور مع زملائي، لكنني رفضت وقلت له: خذ القلم ووقع الآن، لن تحصل أبداً على اقتراح أكثر منطقية وعدلاً من اقتراحي هذا، لا تكن متردداً. غير أن عباس قال لي في نهاية الأمر: أعطني مهلة بضعة أيام، فأنا لا أفهم في الخرائط كثيراً، وأقترح أن نلتقي غداً برفقة خبيرين في شؤون الخرائط من جانبهم ومن جانبنا، وفي حال تأكيدهما أن كل شيء على ما يرام فإنه يمكننا توقيع الاتفاق. لكن في الغداة اتصلوا بي من ديوان عباس وقالوا إنه مضطر للسفر إلى الأردن وطلبوا تأجيل اللقاء. ومنذ ذلك الوقت لم ألتق بعباس، والخرائط بقيت عندي". وخلص أولمرت في هذا المقطع إلى القول: "لقد كنا أكثر من أي وقت في السابق قريبين جداً من استكمال اتفاق مبدئي من شأنه أن يسفر عن إنهاء النزاع بيننا وبين الفلسطينيين. إنني أصلي كي تكون لدى القيادة التي حلت محلي شجاعة كافية لقبول هذا الاتفاق".

تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الذي اقترحه أولمرت على عباس تضمن البنود التالية: أن يستند الحل الجغرافي بين إسرائيل والدولة الفلسطينية إلى حدود 1967 مع تبادل أراض؛ بقاء الأحياء اليهودية التي أقيمت في القدس الشرقية بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967] تحت السيادة الإسرائيلية في حين تكون الأحياء العربية جزءاً من الدولة الفلسطينية؛ وضع منطقة "الحوض المقدّس" في البلدة القديمة تحت وصاية خمس دول؛ توافق إسرائيل على أن تستوعب فلسطينيين داخل حدودها وذلك على أساس فردي وإنساني لا على أساس لم شمل العائلات؛ توافق إسرائيل على إقامة معبر بين قطاع غزة والضفة الغربية يكون على شكل نفق وتتولى السلطة الفلسطينية المسؤولية عن الدخول إليه والخروج منه؛ تكون الدولة الفلسطينية مجردة من أي قوة عسكرية ولا يُسمح لأي جيش أجنبي بدخول أراضي الدولة الفلسطينية.