إسرائيل دولة ثنائية القومية وضم الأراضي لا يشكل خطراً على طابعها الديمقراطي
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إلى أين يمكن أن تؤدي المفاوضات التي يرعاها جون كيري؟ إن الهدف المعلن لها هو التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أي "فتح" و"حماس" ومجموعة من التنظيمات الجهادية. إن كل من ينظر إلى الشرق الأوسط بصورة واقعية يدرك أن هذه مهمة مستحيلة في المرحلة الراهنة.
- لكن ثمة أمر أكيد هو أنه في حال توصلت المفاوضات إلى اتفاق، فإن الأرض التي ستبقى تحت سيطرة إسرائيل ستكون أصغر بكثير، وستضطر إسرائيل إلى العودة إلى حدود ما قبل أن تتعرض إلى هجوم حرب الأيام الستة في 4 حزيران/يونيو 1967، هذه الحدود التي قال عنها أبا إيبان: "بالنسبة لنا خريطة حزيران/يونيو خطرة ولا تضمن الأمن. ولا أبالغ عندما أقول إنها تذكرنا بأوشفيتس [في إشارة إلى معتقل المحرقة النازية]".
- من الواضح أن تسيبي ليفني التي أرسلها بنيامين نتنياهو للتفاوض بشأن مستقبلنا لا تؤمن برؤية إيبان الاستراتيجية. ومن المحتمل أنها تصدق الكلام الأحمق الذي يقول إنه في عصر الصواريخ لا أهمية للأرض. لكن الأرض مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى، فاقتراب الصواريخ الصغيرة والقصيرة المدى التي من الصعب الكشف عنها وتدميرها، من المراكز السكانية، ينطوي على خطر كبير، وينطبق هذا أيضاً على الصواريخ الكبيرة ذات المدى البعيد.
- إن البلد الصغير يوحي بالهشاشة والضعف ويصبح عرضة للخطر، فالبلد الصغير يمكن قصفه وغزوه وحتى تدميره. وإسرائيل الصغيرة المساحة ستوحي بالضعف وستشجع الإرهابيين والأطراف المزودة بالسلاح النووي على مهاجمتها. وعلى المدى البعيد لن تنفع أي ترتيبات أمنية أو اتفاقات لنزع السلاح.
- إن أفضل مثال على النتائج الاستراتيجية المترتبة على تقليص أرض إسرائيل، هو انتقال سيناء إلى المصريين في إطار اتفاق السلام سنة 1979، ما قلص الأرض الواقعة تحت سيطرة إسرائيل بنحو الثلثين. يومها اعتقدنا أنه مقابل التخلي عن الأرض ستنشأ علاقات سلام بين إسرائيل والمصريين، لكن هذا الاعتقاد زعزعته إلى حد ما الأحداث الأخيرة في القاهرة.
- تسعى ليفني اليوم إلى تقليص الأرض الواقعة تحت سيطرة إسرائيل بنحو 6000 كيلومتر مربع، وإلى تسليم يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى أيد لا يمكن الاعتماد عليها، وهي بذلك تقرب الصواريخ من تل أبيب.
- كيف يمكن تفسير هذا الجري الخطر نحو الكارثة؟ إن ليفني وآخرين مصابون بهاجس ويعتقدون أن عليهم الحؤول بأي ثمن دون نشوء دولة ثنائية القومية وأنه يجب منع أي عربي جديد من الانضمام إلى المواطنين العرب المقيمين في إسرائيل. وهم يؤمنون بأن مهمتهم هي الدفاع عن "الدولة اليهودية الديمقراطية" وأنه إذا لم نتخل عن الـ6000 كيلومتر مربع من مساحة دولة إسرائيل ولم نقتلع عشرات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم، فإن "إسرائيل لن تبقى دولة يهودية ودولة ديمقراطية". وهذا كلام أحمق.
- ففي الحقيقة إسرائيل دولة ثنائية القومية يعيش فيها مواطنون يهود وعرب، والتحدي الذي نواجهه هو كيف ندمج المواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي. من هنا يمكن القول إن ضم أراض من خارج دولة إسرائيل إليها لا يشكل تحدياً للديمقراطية الإسرائيلية. لكن في مقابل ذلك، ينطوي تقليص مساحة إسرائيل على خطر على مستقبلها.