دبلوماسية الغاز
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن النقاش العام المحموم والدائر حول حجم حقوق الامتياز والضرائب التي ينبغي لشركات الغاز أن تدفعها للدولة، لا يمنع مناقشة وجهات النظر الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للموضوع. فالحجم الهائل لمكتشفات الغاز بالنسبة إلى إسرائيل، يجعل منها أحد الموارد الاستراتيجية التي تستطيع إسرائيل بواسطتها تحسين علاقتها بالكتل الاقتصادية والسياسية العالمية. وفي غياب اتفاقات مع جيراننا من دول ساحل البحر الأبيض المتوسط، فإن هذا المورد الاستراتيجي ربما يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة.

·       وتقضي المصلحة الإسرائيلية بالتوصل إلى اتفاقات مع الدول المجاورة، مثل الاتفاق الذي توصلنا إليه مع قبرص، من أجل ترسيم الحدود بين المناطق الاقتصادية. ومن الواضح الآن أنه في غياب اتفاق للسلام، وفي ظل ارتفاع مكانة حزب الله في لبنان، فإن هذا الأمر يبدو مستحيلاً، وهنا، تبرز الحاجة إلى وسيط دولي. لقد عرض أحد كبار المستثمرين الإسرائيليين في مجال التنقيب عن النفط والغاز على قبرص بناء منشأة مشتركة للغاز السائل يجري بعدها نقله بواسطة الصهاريج إلى أوروبا. وهنا يُطرح سؤال أولي: كيف ستوجه مصالح إسرائيل الاقتصادية والسياسية عمليات نقل الغاز؟

·       الخيار الأول هو تصدير الغاز إلى الدول الاقتصادية الكبرى في آسيا وعلى رأسها الهند والصين. وهذا أمر منطقي نظراً إلى التزايد الكبير في القوة الاقتصادية لهذه الدول. إن تصدير الغاز إلى الشرق يسمح بالتعاون الاقتصادي من أجل تسييل الغاز واستثماره مع دول منتجة للغاز مثل مصر، ودول أخرى في شبه الجزيرة العربية.

·       الخيار الثاني، هو تصدير الغاز إلى الغرب وإلى أوروبا. ومع احتمال نشوء احتكاك مع لبنان والفلسطينيين، وحتى مع سورية، في حال اكتشفت هذه الدول وجود غاز في مناطقها الاقتصادية البحرية، فإن هناك احتمالاً كبيراً في التعاون مع هذه الدول في تصدير الغاز ونقله إلى اوروبا. ربما يبدو

 

احتمال بناء منشآت للغاز السائل في كل دولة من هذه الدول أمراً متفائلاً اليوم، لأنه ممكن من خلال هيئة اقتصادية - سياسية ثالثة، مثل شركات الغاز أو مؤسسات تمويل أوروبية.

·       ربما يدّعي المؤيدون لتصدير الغاز إلى أوروبا رداً على مؤيدي التصدير إلى آسيا، أن المستقبل الاقتصادي والثقافي لإسرائيل مرتبط بأوروبا، وأنه يجب توجيه تصدير الغاز إلى أوروبا من أجل بناء شبكة علاقات متوازنة وعميقة وراسخة مع الاتحاد الأوروبي.

·       ويمكن أن نضيف الموضوع التركي إلى هذا الأمر. فتركيا اليوم تشهد عملية تطوير شبكة أنابيب لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا. أي أن هناك بديلاً من خطوط النقل من قبرص يمكن من خلاله تغيير موازين العلاقة الحالية بين إسرائيل وتركيا. لكن ربما يكون هناك مَن يردّ على ذلك بأن التوجهات السياسية التركية الحالية نحو الشرق ليست أمراً موقتاً، ولا يمكن لإسرائيل أن تترك مثل هذا المورد الاستراتيجي المهم في عهدة حكومة معادية لها مثل الحكومة التركية الحالية.