الكشف عن وثائق المفاوضات، وبدء الصراع على وراثة رئاسة السلطة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن وثائق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية التي جرى الكشف عنها مؤخراً، ربما تُعتبر في نظر إسرائيل والمجتمع الدولي دليلاً قاطعاً على المواقف المعتدلة للقيادة الفلسطينية برئاسة عباس، لكنها في نظر قيادة حماس، وخصوم السلطة الفلسطينية في قيادة حركة فتح، تشكل دليلاً جديداً على ما يصفونه بـ "الانهزامية العقيمة" للسلطة الفلسطينية.

·       يسير عباس على حبل دقيق، بين رغبته في الحصول على دعم الرأي العام الدولي والإسرائيلي، وبين رغبته في الدفاع عن نفسه في وجه الطعنات في الظهر التي توجه إليه من الداخل. وقد شكلت الشائعات بشأن نيته الاستقالة في السنة المقبلة، إشارة إلى بدء الصراع على وراثته.

·       إن الوثائق التي كشفت عنها قناة الجزيرة أمس هي أهم كثيراً من الوثائق التي سرّبتها ويكيليكس في المدة الأخيرة. فوثائق المفاوضات التي جرت في سنة 2008 بين كل من رؤساء طاقم المفاوضات الفلسطينية، ووزيرة الخارجية آنذاك تسيبي ليفني، ومسؤولين أميركيين، ليست مجرد فصل من التاريخ، بل إن الاقتراحات التي قدمها الفلسطينيون لحل مشكلة الحدود الدائمة في الضفة الغربية والقدس، ما زالت صالحة حتى في أيامنا هذه. كما أن الخريطة الفلسطينية التي عُرضت على إيهود أولمرت، وعلى ممثلي إدارة بوش، هي نفسها التي جرى عرضها قبل بضعة أشهر على مبعوث الرئيس أوباما، السيناتور جورج ميتشل، وعلى مبعوث رئيس الحكومة، المحامي مولخو، الذي رفض استلام الوثيقة.

·       وهذه الوثائق التي جرى الكشف عنها تسحب البساط من تحت ذريعة "عدم وجود شريك" التي يتذرع بها كل من زعيم كتلة "استقلال" إيهود باراك، وبنيامين نتنياهو. كما تدل على أن الفلسطينيين مستعدون للذهاب بعيداً في سبيل الدولة المستقلة: فهم مستعدون للتنازل عن كتلة الأحياء اليهودية في القدس وضواحيها، وعن كتلة عتسيون والمستوطنات المتاخمة للخط الأخضر، وكل ذلك في مقابل الأراضي الواقعة غربي الخط الأخضر، بما في ذلك أراض في منطقة غلبواع وسفوح جبل الخليل.

·       واستناداً إلى الخريطة التي جرى الكشف عنها قبل أسبوعين، فإن الخلافات الإقليمية كانت، ولا تزال، على أريئيل، وكتلة إلكانا، وكتلة معاليه أدوميم، وأحياء هار حوما [جبل أبو غنيم] في القدس الشرقية (والتي أُقيمت بعد اتفاق أوسلو). وتؤكد الوثائق التي كشفتها قناة الجزيرة استعداد القيادة الفلسطينية للتنازل عن السيادة المطلقة على البلدة القديمة واستبدالها بنظام خاص.

·       ويثير توقيت نشر الوثائق المسربة الشك في أن خطة الوزير أفيغدور ليبرمان المتعلقة بدولة فلسطينية ضمن حدود موقتة، هي بمثابة ضربة وقائية في مواجهة المخطط الفلسطيني. ويكشف تفحص مضمون الوثائق المسربة الثغرة بين التطلعات الفلسطينية والفتات الذي ينوي ليبرمان تقديمه لهم.

·       فخطة ليبرمان تعرض على الفلسطينيين ضمن إطار التسوية المرحلية على المدى البعيد (45 إلى 50 % من الضفة الغربية، مع تبادل للأراضي)، وهي تمحو خريطتَي إيهود باراك والرئيس كلينتون اللتين عَرضتا قبل عشرة أعوام 94% و 96% [من أراضي الضفة]. وقد نشرت "النيويورك تايمز" أمس خريطة وضعها دافيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، تضمنت المناطق الواقعة على الخط الأخضر والمطلوب من إسرائيل نقلها إلى الفلسطينيين في مقابل كتل المستوطنات. ويقع مكتب ماكوفسكي بالقرب من مكتب دنيس روس الذي يعمل مستشاراً كبيراً لعملية السلام لدى إدارة أوباما.

·       إن الوثائق التي نشرتها محطة الجزيرة، وكذلك "خطة ليبرمان"، سيجري عرضهما على اللجنة الرباعية التي ستجتمع بعد أسبوعين في ميونيخ للبحث في سبل إنقاذ المفاوضات من الجمود. وليس من الصعب أن نتكهن بأي الخطتين ستؤثر أكثر في أعضاء اللجنة.