معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· في مواجهة إمكان التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة وبين إيران والدول الخمس زائد واحد بشأن الموضوع النووي، نعرض هنا مخططاً محتملاً لمثل هذا الاتفاق، يستند إلى البنود الأساسية بالنسبة إلى الطرفين اللذين يبدو أنهما معنيان بالتوصل إلى اتفاق بشأن الموضوع النووي وحلّ الأزمة الحتمية بينهما، والتي قد تؤدي إلى احتمال مهاجمة الولايات المتحدة المنشآت النووية في إيران مع إسرائيل أو من دونها. ومن أجل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فإنه يجب أن يتضمن عدداً من البنود التي لا يستطيع أي طرف التنازل عنها، وأن يشتمل على بنود تقدّم إلى الطرف الآخر الضمانات الضرورية بالنسبة إليه. إن البنود الأساسية بالنسبة إلى كل طرف، والتي لا خلاف جوهرياً عليها ويمكن بالتالي الاستناد إليها في الاتفاق المستقبلي، هي التالية:
· البنود المهمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة:
- البند الأساسي: عدم إتاحة الفرصة لوضعٍ تستطيع إيران فيه الاندفاع وتخصيب اليورانيوم إلى مستوى عسكري خلال فترة من الوقت تقلّ عن عام.
- عدم إتاحة الفرصة أمام إيران لامتلاك القدرة على فصل الوقود الإشعاعي من أي مصدر كان، وإنتاج البلوتونيوم منه بكميات كبيرة.
- عدم السماح بالأبحاث وأعمال التطوير لأجهزة تفجير نووية.
- إنشاء نظام رقابة متخصص يتحقق بصورة دائمة من تطبيق الاتفاقات، وعدم السماح بأي إمكان لإلغاء نظام الرقابة هذا، أو تغييره بصورة أحادية الجانب.
- البنود الإيرانية المهمة في الاتفاق:
- البند الأساسي (غير المعلن): إيران مضطرة للاحتفاظ بالتكنولوجيات وبخيار إنتاج السلاح النووي في حال قررت ذلك.
- امتلاك إيران الحق الكامل في بناء مشروع نووي مدني ذي أهداف سلمية.
- على مجلس الأمن ودول أُخرى (ليست أعضاء في هذا المجلس) رفع العقوبات المفروضة على إيران بصورة كاملة.
- أن تتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة الرقابة على المشروع النووي الإيراني، وليس دولة أو مجموعات معينة من الدول.
- ألاّ تعمل الولايات المتحدة على إسقاط النظام.
· إلى جانب ذلك، هناك مجموعة من المشكلات الاستراتيجية التي تختلف الولايات المتحدة عليها مع إيران منذ أعوام عديدة، منها: اعتبار إيران دولة تدعم الإرهاب وتستخدمه؛ عدم احترام حقوق الإنسان في إيران؛ التطلعات التوسعية لإيران في منطقة الخليج والشرق الأوسط بأكمله، عداء إيران الشديد لإسرائيل ودعوتها إلى القضاء عليها.
· أمّا بالنسبة إلى إيران، فإن كل اتفاق مع الولايات المتحدة سيُعتبر بمثابة خضوع لـ "الشيطان الأكبر". لكن على الرغم من ذلك، فإن ممّا لا شك فيه أن إيران تستطيع أن تصوّر الاتفاق الذي يتضمن البنود المهمة المشار إليها أعلاه بصفته انتصاراً كبيراً لها، الأمر الذي سيبرر المفاوضات والاتفاق مع الأميركيين.
الخطوط العريضة لمسودة محتملة
للاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران
مقدمة
يعترف الطرفان بحق إيران المطلق في بناء وتطوير مشروع نووي مدني ذي أهداف سلمية. ويهدف هذا الاتفاق إلى تحقيق هذا الحق.
جوهر الاتفاق - الموضوع السياسي
1. الاتفاق هو بين الولايات المتحدة وإيران بدعم الدول الخمس زائد واحد، بينما تشكل الوكالة الدولية للطاقة الذرية شريكاً فاعلاً في الاتفاق.
2. يعلن الطرفان انتهاء الخصومة فيما بينهما.
3. يقيم الطرفان علاقات طبيعية ودائمة بين الدولتين.
4. ترفع الولايات المتحدة العقوبات الخاصة التي فرضتها على إيران، وتعمل على رفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن ومجموعة من الدول الأُخرى. ويصار إلى رفع العقوبات بصورة متدرجة بالترابط مع التقدم في تطبيق الاتفاق، وبصورة خاصة إخراج المواد [المخصبة] من إيران، وإغلاق منشآت التخصيب في فوردو.
تفصيلات تتعلق بتعميق الرقابة الدولية
- الهدف من الرقابة هو التأكد من أن إيران تنفذ بنود الاتفاق كلها نصاً وروحاً، وأنها لا تقوم بنشاطات ممنوعة غير معلنة، وفقاً لما جاء في الاتفاق.
- يستند جهاز الرقابة إلى المعلومات التي تصل من مصادرها، وإلى معلومات أُخرى.
- تعيد إيران موافقتها على "البروتوكول الإضافي" الذي يسمح توسيعه بأن يُستخدم أساساً للرقابة الموسعة بما يتلاءم مع الاتفاق الحالي.
- توسيع الرقابة يتضمن: حرية الوصول إلى أي موقع ومنشأة في إيران؛ السماح بجمع النماذج والمسح في أي منطقة خاضعة للسيادة الإيرانية؛ حرية الوصول إلى الوثائق والمستندات بما في ذلك أجهزة الكومبيوتر والوثائق التقنية؛ حرية الاتصال بالأشخاص في إيران؛ التصوير الدوري لنقاط حساسة يحددها جهاز الرقابة، إرسال الصور في الوقت الفعلي إلى مراكز الرقابة خارج إيران؛ تشكيل لجنة خبراء دولية مستقلة تدرس نتائج عمل جهاز الرقابة، وتبتّ في الخلافات في الرأي داخل الجهاز في حال بروزها.
تطبيق الاتفاق
1. يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد 30 يوماً على توقيعه. ويُلغى تلقائياً في حال لم توافق حكومتا الدولتين عليه خلال فترة 60 يوماً.
2. لا يحدَّد الاتفاق بمدة زمنية، وأي تغيير يُدخَل عليه يجب أن يكون بموافقة الطرفين.
3. أي خرق للاتفاق تلحظه لجنة الخبراء، سيؤدي تلقائياً إلى فرض العقوبات الكاملة من دون حاجة إلى الحصول على مصادقة جديدة.
4. أي خرق للتدابير الإدارية، مثل فرض قيود على عمل المراقبين، سيؤدي إلى استئناف فرض العقوبات، من دون حاجة إلى مصادقة جديدة.
نقاش
· هل هذا الاتفاق ممكن؟ من المهم بالنسبة إلى إيران أن تربح مزيداً من الوقت، وأن تواصل في هذه الأثناء توسيع وتعميق بنيتها التحتية النووية. أمّا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن من المهم الحوار وعملية التفاوض (engagement) كاستراتيجيا تنطوي على أقل قدر من المخاطر لإيقاف التهديد النووي الإيراني. ويظهر تحليل البنود المذكورة أعلاه وجود حيّز للاتفاق بين الطرفين. فإذا وافقت الولايات المتحدة على تقديم انتصار أساسي إلى إيران عبر الاعتراف بحقها في التخصيب، ومن جهة أُخرى، إذا وافقت إيران على تقييد حجم إنتاجها من المواد المخصبة، وعلى تشديد الرقابة وإخراج الجزء الأكبر من المواد المخصبة من إيران، فإن الاتفاق يصبح ممكناً. بيد أن الاتفاق لا يمنع تماماً احتمال أن تواصل إيران نشاطها النووي بعيداً عن الأنظار. وممّا لا شك فيه أن إيران ستحاول أن تماطل أكبر وقت ممكن، وتتسبب بتأزيم الوضع من أجل دراسة ردات فعل الطرف الثاني.
· بالنسبة إلى إسرائيل لا يوجد اتفاق جيد، لأن مثل هذا الاتفاق لن يوقف تقدم المشروع النووي العسكري الإيراني، وإنما سيؤخره، فقط لا غير، لوقت غير معروف. لكن يبدو أنه لن يكون أمام إسرائيل خيار سوى الموافقة على الرغم من إرادتها، لأن عدم ثقة إسرائيل بالنظام الإيراني الحالي، وتجربة الماضي، لا يسمحان لها بالشعور بالارتياح إزاء ما سيجري التوصل إليه. وفي حال حدثت الأعجوبة، وقامت إيران بالتقيد بدقة بهذا الاتفاق من دون أن يُفرض عليها فرضاً، فإن هذا سيوجد وضعاً جديداً، وربما سيسمح بعلاقات جديدة مع الجمهورية الإسلامية. لكن احتمالات حدوث ذلك هي، مع الأسف، ضئيلة.