النداء الأخير قبل اندلاع انتفاضة ثالثة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • ما يجري كان متوقعاً منذ زمن طويل، فالتظاهرات وأعمال الشغب التي اندلعت في الأيام الأخيرة في المناطق المحتلة يجب ألاّ تفاجىء أحداً. إذ بعد أعوام من الجمود السياسي، وبعد معركة انتخابية إسرائيلية تجاهلت إلى حد بعيد موضوع الاحتلال، وفي إثر تصريحات شخصيات سياسية إسرائيلية متعجرفة، أكدت بغطرسة أن الموضوع السياسي يأتي في أسفل سلم أولوياتها، لم يبق للفلسطينيين غير اليأس والمعاناة من دون أي أفق سياسي.
  • وقد أضيف إلى ذلك خطوات جهنمية اتخذتها إسرائيل زادت في تعميق اليأس مثل: إعلان النية للبناء في منطقة E1؛ إعادة اعتقال 14 فلسطينياً من الذين أُفرج عنهم في إطار صفقة شاليط؛ قتل متظاهرين مسالمين؛ الوسائل القاسية التي يستخدمها الجيش في قمع التظاهرات؛ ارتفاع أعمال الاستفزاز التي يقوم بها المستوطنون في الأيام الأخيرة، والتي لم يتصدَّ لها لا الجيش ولا الشرطة؛ النجاح النسبي لـ "حماس" في غزة بعد عملية "عمود سحاب" في ليّ ذراع إسرائيل عن طريق إطلاق الصواريخ على أراضيها. في ظل هذه الأوضاع يبدو نشوب انتفاضة فلسطينية في الضفة مسألة وقت وانتظار الفرصة الملائمة. ومن هنا يمكن القول إن الإضراب المستمر عن الطعام الذي أعلنه عدد من الأسرى، وموت أسير شاب آخر، قد يشكلان عود الكبريت الذي سيشعل النار.
  • ووفقاً للتقديرات السائدة، فإنه لا يوجد في المناطق لا الزعامة الفلسطينية، ولا الإرادة، ولا القدرة على القيام بانتفاضة ثالثة، لكن مثل هذه الانتفاضة ربما تنشب من تلقاء ذاتها في إثر أحداث قد تخرج عن السيطرة. لذا، على الجيش الإسرائيلي أن يمتنع عن إطلاق النار بقدر المستطاع، وأن يشدد الرقابة على المستوطنين العنيفين الذين يواصلون إطلاق النار على الفلسطينيين ويقومون بتخريب أملاكهم واستفزازهم. كما يتعين على إسرائيل أن تفرج فوراً عن الذين أعادت اعتقالهم من الأسرى الفلسطينيين المحررين ضمن إطار صفقة شاليط من الذين لم يعودوا إلى النشاط الإرهابي، والتخفيف من أوضاع اعتقال آلاف المعتقلين الأمنيين.
  • وطبعاً، هذا وحده لا يكفي. فإذا لم تضع الحكومة المقبلة الموضوع السياسي في مقدم أولوياتها، فإن التظاهرات لن تتوقف. لقد أثبت الفلسطينيون أكثر من مرة أنه لا يمكن التهرب من مناقشة مصيرهم، على الرغم من محاولة إسرائيل الاهتمام بمسائل أُخرى أقل أهمية. إن الموضوع السياسي هو الموضوع الأول المطروح حالياً على إسرائيل، هذا إذا لم تشأ مواجهة انتفاضة جديدة.