انتقال السلاح السوري إلى يد حزب الله: الانعكاسات على إسرائيل
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

  • • قبل أسبوعين تحدثت التقارير الأجنبية عن مهاجمة إسرائيل أهدافاً في الأراضي الســورية قيــل إنها قافلــة للصواريخ المضادة للطائرات من طــراز  SA-17 كانت في طريقها إلى لبنان. ويعالج هذا المقال مسألتين: الأولى، إذا افترضنا أن الهجوم استهدف قافلة للسلاح كانت في طريقها من سورية، ما هي أنواع السلاح التي تستطيع سورية نقله إلى لبنان، وكيف سينعكس ذلك على إسرائيل. أمّا المسألة الثانية فتتعلق بالأسباب التي دفعت إلى نقل هذا السلاح إلى لبنان في هذا الوقت بالذات.

    خلفية
    • في الأعوام الأخيرة كانت سورية هي المزود الأساسي لحزب الله بالسلاح، وشمل ذلك السلاح الذي اشترته سورية من أجل جيشها ثم قامت بنقله إلى الحزب، والسلاح الآتي من إيران إلى الحزب، والذي كانت سورية مجرد معبر لانتقاله هذا العتاد العسكري. وتضمنت شحنات السلاح أنواعاً متعددة من الصواريخ - بدءاً بصواريخ "غراد" من عيار 122 مليمتراً، وصولاً إلى صواريخ أقوى بكثير، مثل: فجر - 3 وفجر - 5 الإيرانية الصنع. كما جرى نقل صواريخ من عيار 220 مليمتراً و302 مليمتر من صنع سورية، وكذلك صواريخ زلزال وصاروخ الفاتح - 110 الإيراني (والذي يُعرف بنسخته السورية باسم M600). وإلى جانب هذا كله تحدثت تقارير عن حصول الحزب على صواريخ سكود من (طراز C وB أو D).
    • وحصل حزب الله على صواريخ مضادة للمدرعات ـ وبينها صواريخ كورنيت التي اشترتها سورية مباشرة من روسيا، وصواريخ بر - بحر صينية الصنع. وعلى صعيد الدفاع الجوي حصل حزب الله على صواريخ كتف من طراز "Strela" و"Igla". كما تحدثت تقارير أُخرى عن حصول الحزب على المنظومة الصاروخية المتنقلة SA-8.
    • وهناك منظومات أُخرى من السلاح تملكها سورية قد تشكل في حال انتقالها إلى لبنان مصدر قلق بالنسبة إلى إسرائيل مثل منظومتَي "ستريليتس" (Strelets) و"بانتسير"(Pantsyr –s1)، وهما منظومتان للدفاع الجوي خفيفتان وسهلتا الانتقال، وتُستخدمان للدفاع عن نقاط محددة. وفي الواقع، فإن منظومة "الستريليتس" هي عبارة عن صاروخين إلى أربعة صواريخ من طرازIgla  مركّبين على سيارة. أمّا البانتسير فهي منظومة دفاعية متحركة للدفاع عن نقاط محددة، ومن المفترض أن تحل هذه المنظومة محل المنظومة القديمة Tunguska.
    • في المدة الأخيرة حصلت سورية على منظومات سلاح جديدة من روسيا، وبحسب المصادر الأجنبية فإن الهجوم الإسرائيلي استهدف منع انتقال هذه المنظومات الجديدة من سورية إلى حزب الله. والمقصود هنا منظومتا سلاح وصلتا إلى سورية بعد نشوب الثورة في آذار/ مارس 2011، وهما منظومة صواريخBuk-M2E  (المعروفة في الغرب باسم SA-6) وهي منظومة متحركة يبلغ مداها الدفاعي نحو 50 كيلومتراً، ومخصصة للدفاع عن القوات البرية. أمّا المنظومة الثانية فمنظومة "بستيون"، وهي منظومة صواريخ بحر - بر، تستخدم صواريخ "ياخنوت" التي يمكن استخدامها ضد السفن، لكنها قادرة أيضاً على إصابة أهداف برية تقع على الشاطىء.

    عمليات انتقال السلاح في الفترة الأخيرة
    • منذ نشوب الثورة في سورية في آذار/ مارس 2011، تورط حزب الله في النزاع ووقف إلى جانب نظام بشار الأسد. وبموازاة ذلك، جرى الحديث عن انتقال للسلاح من سورية إلى حزب الله، وبرزت المخاوف من انتقال السلاح الكيميائي السوري إليه. فهل هذه المعلومات صحيحة؟ ولماذا تقوم سورية بنقل مثل هذا السلاح إلى حزب الله في الوقت الذي يخوض الجيش السوري قتالاً ضارياً على الأراضي السورية؟ في الإجابة على ذلك هناك أكثر من احتمال: من المحتمل أن يكون الجيش السوري يعتبر حزب الله حليفاً له يستطيع مساعدته في الحرب الأهلية التي يخوضها، ولهذا السبب يقوم بتسليح الحزب؛ ثمة احتمال آخر هو الخوف من تدخّل إسرائيل في القتال في سورية - ومن هنا الحاجة إلى تسليح حزب الله بمنظومات دفاع جوية لمواجهة عمليات سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان، وبمنظومات صاروخية وقذائف مدفعية للردع.
    • لكن الاحتمال الأكثر منطقية هو أن الجيش السوري ينقل إلى حزب الله منظومات سلاح ليس بحاجة إليها في الوقت الحالي في قتاله ضد الثوار، وهو يريد الاحتفاظ بها في الأراضي اللبنانية، الأكثر أماناً والبعيدة عن هجمات الثوار. وهذا ما يفسر سبب نقل صواريخ سكود - وهي منظومات معقدة ويتطلب استخدامها قوة كبيرة من الصعب الافتراض أنها متوفرة لدى حزب الله، وهذا السبب نفسه يمكن أيضاً أن يفسر نقل منظومات الدفاع الجوي لأن الثوار ليس لديهم قوة جوية، وبالتالي، لا فائدة من تعريض هذا السلاح الجوي المتطور الموجود في مناطق قد يهاجمها الثوار للخطر. وينطبق هذا أيضاً على مسألة نقل السلاح الكيميائي من سورية إلى الأراضي اللبنانية.
    • والسؤال المطروح هنا هو: هل يستطيع حزب الله استخدام هذا السلاح بطلب من سورية أو بقرار منه؟ أم إن هذا السلاح هو للتخزين فقط؟ والجواب على هذا السؤال يتعلق بأنواع معينة من السلاح. فمن جهة، من المؤكد أن حزب الله بحاجة إلى قوة عسكرية للحدّ من قدرة سلاح الجو الإسرائيلي فوق الأراضي اللبنانية، واحتمال نجاحه في إسقاط طائرة إسرائيلية فوق لبنان سيمنحه تفوّقاً دعائياً كبيراً. لكن من جهة أُخرى، من غير المنطقي أن يقوم حزب الله باستخدام السلاح الكيميائي، لأن هذا سيلحق به ضرراً سياسياً أكبر من أي إنجاز تكتيكي يحققه من خلال هذا الاستخدام.

    الانعكاسات بالنسبة إلى إسرائيل
    • إن وجود منظومات دفاع جوي متطورة على الأراضي اللبنانية يمثّل مشكلة كبيرة بالنسبة إلى إسرائيل، إذ إن سلاح الجو الإسرائيلي يقوم اليوم بطلعات جوية ويتمتع بحرية نسبية في الأجواء اللبنانية، وهذا النشاط ضروري من أجل جمع المعلومات الاستخباراتية سواء فيما يتعلق بلبنان أو سورية. وحتى الآن كانت قدرة الحزب على عرقلة هذه الطلعات الجوية محدودة للغاية. ومن هنا، فإن ظهور منظومة الدفاع الجوي من طراز SA-17 هو من دون شك خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل، لأنها ستعرقل قيام سلاح الجو بمعظم مهماته.
    • ثمة خطر آخر يكمن في ظهور منظومة "بستيون" (صواريخ بر - بحر) في لبنان - سواء جرى تشغيل هذه المنظومة من جانب حزب الله، أم من جانب طواقم سورية. فوجود هذه المنظومة في سورية كان يشكل خطراً على السفن والمنشآت الموجودة على الشاطىء حتى خط نتانيا تقريباً، فإذا جرى نشر هذه المنظومات على الأراضي اللبنانية فإنها ستصبح قادرة على تغطية الشواطىء الإسرائيلية كلها. كما أن قدرة صاروخ "ياخونت" على التحليق المنخفض سيجعل من الصعب على منظومات الدفاع في سفن سلاح البحر الإسرائيلي مواجهته. ويمكن القول إن دخول هذه المنظومة إلى لبنان يشكل خطاً أحمر بالنسبة إلى دولة إسرائيل.