كيف يؤثّر الربيع العربي في الاعتبارات الاستراتيجية الإسرائيلية؟
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  •  

    • هناك أكثر من جواب عن هذا السؤال. فثمة مَن يدّعي أن التهديدات العسكرية الكلاسيكية قد تغيرت، الأمر الذي يفسح المجال أمام إسرائيل لتقديم التنازلات التي تطلبها منها الدول الأوروبية من أجل التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين.  وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 1948، ارتكزت العقيدة العسكرية في إسرائيل على قوة الجيش النظامي الصغير في التصدي للتفوّق العددي لجيوش الدول المجاورة لها. ومن أجل هذا الهدف اعتمد الجيش الإسرائيلي على وحدات الاحتياطيين القادرة على أن تكون جاهزة ومنتشرة على طول الحدود خلال 48 ساعة.
    • واليوم هناك مَن يدّعي أن انشغال جيوش بعض الدول المجاورة، مثل الجيش السوري، في مواجهة الاضطرابات الداخلية أدى إلى تراجع الخطر التقليدي الذي يتهدد إسرائيل. لكن هل يعني ذلك أن إسرائيل باتت قادرة على الانسحاب من المناطق [المحتلة] التي كانت تُعتبر في الماضي ضرورية في مقابل هذه التطورات؟ وهل من الممكن التفكير في انسحاب إسرائيلي من وادي الأردن؟
    • ممّا لا شك فيه أن مثل هذا الاستنتاج يفتقر إلى المسؤولية، وذلك لعدة أسباب: أولاً، أنه من المتوقع مستقبلاً أن تقوم الدول العربية بتحسين قدراتها العسكرية التقليدية وذلك بعد هدوء العواصف الداخلية. فمنذ الآن، لا تتردد مصر في أن تطلب من الولايات المتحدة إعطاءها 200 دبابة من طراز أبرامز من أجل تعزيز قواتها المدرعة، وستحذو الدول الأُخرى حذوها. وفي نهاية الأمر، فإن الأمر الذي يحسم القتال في ساحة المعركة ما زال هو القدرة على المناورة وتحريك القوات البرية، وليس فقط قوة النيران.
    • ثانياً، على المدى المباشر تتعرض إسرائيل لخطر بري جديد من جانب تنظيمات إرهابية تتمتع بميزات الجيوش النظامية. ففي أيار/ مايو 2011 أشار روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي السابق إلى أن كميات الصواريخ التي يملكها حزب الله أكبر من تلك الموجودة لدى كثير من الدول. كما أن القوة التدميرية للتنظيمات الإرهابية ازدادت بصورة كبيرة في أعقاب شراء هذه التنظيمات صواريخ كتف المضادة للطائرات، وصواريخ بر - بحر، ومواد ناسفة متطورة ذات قدرة تدميرية أكبر كثيراً ممّا كانت تملكه في الماضي.
    • لذا، يتعين على إسرائيل أن تقيم حاجزاً جغرافياً في مواجهة الخطر الجديد الذي تمثله التنظيمات الإرهابية، من أجل منع تهريب السلاح المتطور، ومنع التسلل إلى المراكز السكانية الإسرائيلية. وفي حال استطاعت هذه التنظيمات الحصول على أسلحة دمار شامل، وهو تخوّف مطروح اليوم في ظل الأزمة في سورية، فإن إسرائيل ستضطر إلى إحكام سدّ حدودها بصورة أكبر من السابق.
    • وفي الواقع، فقد باتت القدرات الجديدة للتنظيمات الإرهابية الدولية في الشرق الأوسط تشكل تحدياً حتى بالنسبة إلى الجيوش النظامية في دول المنطقة. فالجيش المصري يحارب القاعدة في سيناء، والجيش السوري يتلقّى هزيمة تلو الأُخرى على يد أتباع القاعدة مثل "جبهة النصرة". وباختصار، فإن تبدّل البيئة العسكرية في الشرق الأوسط  يشكل تحدياً بالنسبة إلى إسرائيل، ومن شأنه أن يؤثر في الطريقة التي ستتعامل فيها مع مسألة حدودها المستقبلية.
    • وإزاء هذا الواقع السياسي، فإن إسرائيل تجد نفسها أمام احتمالين: إمّا أن تستسلم وتقبل بالتنازلات التي تطلب أوروبا من إدارة أوباما فرضها على إسرائيل، غير أن خطوة من هذا النوع ستعرّض سكان إسرائيل لخطر لا يمكن لأي حكومة مسؤولة القبول به، وإمّا أن تقول إسرائيل إنه في ظل حالة عدم اليقين التي تسود المنطقة فإن الوقت لا يصلح للمبادرات السياسية.
    • وعلى الرغم من ذلك، فإن في إمكان إسرائيل أن تُبدي استعدادها لطرح مبادرة سلام مع الفلسطينيين، ما دامت هذه المبادرة لا تعرّض مصالحها الأمنية الأساسية للخطر، لا بل على العكس تساهم في تقويتها. وعلى الطرفين [الفلسطيني والإسرائيلي] التطلع إلى التوصل إلى التفاهم على الموضوعات التي يمكن الاتفاق عليها، وترك المسائل المعقدة إلى وقت آخر.