· تدل استقالة وزراء حزب الله من الحكومة اللبنانية على بضعة حقائق. فهي تعبّر عن فشل المساعي الكبيرة التي بذلتها السعودية من أجل منع تعقد الوضع السياسي في لبنان. وكانت السعودية ـ في سياق اتصالاتها بسورية – قد أوصت سعد الحريري بأن يكون أكثر حكمة وأقل توخياً للعدالة في كل ما يتعلق بالمطالب والتوقعات المرجوة من المحكمة الخاصة بالتحقيق في اغتيال والده. لكن الحريري الشاب الذي لا يستطيع أن يشك في محبة السعودية لوالده، فضّل البحث عن الحقيقة ولو على حساب الاستقرار في بلده، وذلك بفضل الدعم الذي حصل عليه من واشنطن.
· إن استقالة وزراء حزب الله لا تعدّ شيئاً مقارنة بما ينتظرنا إذا ومتى أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الحريري قرارها الظني ضد الحزب الذي يشكل اليوم أكبر قوة عسكرية في بلاد الأرز. فهو قد يميل إلى استخدام هذه القوة ولو بصورة محدودة، ذلك بأن الخيار العسكري، بالنسبة إليه، مطروح، لكنه غير مناسب له في التوقيت الحالي.
· إن الدعم الذي حصل عليه الحريري من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، سمح له بأن يكون أكثر تشدداً في مواجهة حزب الله، وبألاّ يتنازل ويقبل بمطالب الحزب المتعلقة بقرارات المحكمة الدولية. ويشكل هذا الدعم مظلة سياسية مهمة جداً، لكنها ليست بالضرورة مظلة عسكرية. والحريري يعرف هذا، وكذلك حزب الله. ولهذا السبب يمكن تشبيه ما سيحدث في اليوم الذي سيصدر فيه القرار الظني، والذي لم يعد بعيداً، بالروليت الروسية: إذ ليس من المؤكد أن الرصاصة التي ستنطلق ستصيب قلب لبنان، لكن ثمة احتمال في أن يحدث ذلك.
· لا يزال لبنان بعيداً عن الحرب الأهلية، حتى لو كانت الأزمة الراهنة هي الأصعب منذ سنة 2008، وسوف نشاهد دولة تراقب مؤسساتها وهي تدخل في حالة من الشلل، حالة سيقوم فيها كل فريق باختبار الفريق الآخر، لكن المواجهة ستبقى في المجال السياسي، على الأقل في المدى القصير.
· لن يتراجع الحريري في موضوع لجنة التحقيق، ولو كان ينوي أن يفعل ذلك لكان قام به منذ وقت طويل، وقد نصحته واشنطن وباريس بالتمسك بموقفه.
· لقد تغلبت الولايات المتحدة وفرنسا على السعودية وسورية، في الصراع على كسب ود رئيس الحكومة اللبنانية. وإذا أخذنا في الاعتبار أن لبنان دولة عربية وأن السعودية هي حليفة مقربة من واشنطن، فإن ما حدث هو إنجاز واضح، لكن موقت، للغرب.