أوباما سيوضح خلال زيارته لإسرائيل ماذا ينتظر من المفاوضات المباشرة مع إيران، وما هي خططه في حال فشلها
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

– ورقة رقم 198

·       تتبادل الولايات المتحدة وإيران رسائل قوية اللهجة بشأن المفاوضات الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي لأزمة السلاح النووي الإيراني. ويقوم الطرفان بوضع شروطهما للمفاوضات المباشرة التي ستكون الأولى من نوعها. وفي العلاقات الدولية يُطلق على هذه الظاهرة اسم "مرحلة ما قبل المفاوضات"، والتي يدرس الطرفان فيها فوائد ومساوىء العملية التفاوضية نفسها واحتمالات التوصل إلى اتفاق. ويتمسك كل منهما بمواقف استهلالية متشددة مع معرفته بأن الطرف الآخر لن يقبل بها، كما يحاول كل طرف الحصول على تنازلات من الطرف الآخر بمجرد موافقته على المفاوضات. ومن المعلوم أن هذا هو أسلوب التفاوض لكل من الفلسطينيين والإيرانيين، وعلى ما يبدو، فإن الغرب عامة، والولايات المتحدة خاصة، لا يعرفان كيفية التعامل مع هذا الأسلوب.

·       خلال مؤتمر الأمن الدولي الذي عُقد في ميونيخ في شباط/ فبراير 2013، قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إنه ما يزال هناك "متسع من الوقت لنجاح العمل الدبلوماسي وللضغوط"، وإن "الكرة اليوم هي في ملعب الحكومة الإيرانية"، مضيفاً أن شرط النقاشات هو وجود عرض إيراني "حقيقي وملموس". ولمّح بايدن إلى أن الأجواء التي سادت الجولات السابقة للمفاوضات لم تكن جدية لأن إيران لم تكن مستعدة لتقديم أي تنازلات، وكان هدفها الأساسي كسب الوقت والمضي قدماً نحو القنبلة النووية. وكانت الرسالة التي بعث بها بايدن واضحة وفحواها أن الولايات المتحدة لن توافق على مثل هذه المفاوضات، ولن ترفع العقوبات في مقابل دخول إيران فيها. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد دعا  في خطابه إلى الأمة في سنة 2013 الزعماء الإيرانيين إلى "الاعتراف بأن الوقت حان للحل الدبلوماسي"، وختم قائلاً إن الولايات المتحدة "ستفعل المطلوب من أجل منع إيران من الحصول على السلاح النووي."

·       وجاء الرد الإيراني فوراً على هذا الكلام، وذلك من خلال المرشد الروحي آية الله علي خامنئي، ورئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد، اللذين رفضا دعوة بايدن، وشددا على أن إيران على استعداد للتفاوض فقط إذا اعترفت الولايات المتحدة والغرب بحق إيران في أن يكون لديها برنامج نووي، وبشرط رفع العقوبات القاسية عن إيران. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لا يمكن أن توافق على هذا الطلب، لأن رفع العقوبات معناه خسارة إمكان وقف البرنامج النووي الإيراني، ذلك بأن هذه العقوبات والأضرار الجسيمة التي أنزلتها بالاقتصاد الإيراني هي التي دفعت بالقادة الإيرانيين إلى التفاوض، ورفع العقوبات الآن معناه القضاء على الحوافز التي قد تدفع بالإيرانيين إلى تقديم تنازلات.

·       من المحتمل جداً أن يكون سبب موقف القيادة الإيرانية الصارم هو نظرتها إلى التعيينات الجديدة في الإدارة الأميركية مثل تعيين جون كيري في وزارة الخارجية، وتسمية تشاك هيغل في وزارة الدفاع. إذ من المعروف أن الرجلين هما من قدامى المحاربين في حرب فييتنام، ومن المعارضين لاستخدام أي نوع من العنف للحصول على نتيجة. ففي الماضي عارض هيغل فرض العقوبات، وكان يرى أن من غير الممكن وقف المشروع النووي الإيراني. وقد فسر الإيرانيون هذه التعيينات، إلى جانب دعوة كل من باراك أوباما وجو بايدن إلى استئناف المفاوضات، كعلامة ضعف يجب استغلالها من أجل المضي في مشروعهم لإنتاج السلاح النووي، ومن أجل فرض شروط قاسية على المفاوضات. كما راقب القادة الإيرانيون عن كثب تحدي كوريا الشمالية للولايات المتحدة وللغرب، ومن المحتمل أنهم استخلصوا من ذلك أن التهديدات وعمليات التخويف الأميركية ليست جدية ولا فاعلة.

·       إن الجمود الحالي يهدد بشل استراتيجيا أوباما تجاه إيران. ولذا، فإنه يخطط لفرض عقوبات أشد قسوة على أمل بأن يؤدي ذلك إلى تليين الموقف الإيراني، ويدفع بالإيرانيين نحو المفاوضات والنقاشات المباشرة، مع الاحتمال الكبير لوقف القنبلة الإيرانية. لكن يبدو واضحاً التعارض بين أهداف كل طرف؛ فالأميركيون يريدون أن توقف إيران تخصيب اليورانيوم، بينما تريد إيران إنهاء العقوبات. وممّا لا شك فيه أن الإيرانيين أكثر مهارة في إدارة المفاوضات من الأميركيين، إذ لديهم خبرة طويلة في هذا المجال. ومن هنا يمكن القول إذا اتفقت الولايات المتحدة مع الإيرانيين على بدء المفاوضات المباشرة فإن النتيجة الحتمية لذلك ستكون لمصلحة الإيرانيين. كما أن رغبة الأميركيين في تفادي الخيار العسكري بأي ثمن ربما تؤدي إلى اتفاق غامض يسمح لإيران بمواصلة تطوير برنامج أسلحتها النووية سراً. أمّا في حال لم تجر المفاوضات المباشرة، أو في حال جرت وفشلت في كبح إيران عن مواصلة تطوير أسلحة نووية، وإذا التزم أوباما بتعهداته بمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية، فلن يكون هناك خيار آخر أمام الإدارة الأميركية غير استخدام القوة العسكرية.

 

·       إن تبادل النيران الدبلوماسية بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين لا يقفل الباب أمام التفاوض، وستستمر مرحلة ما قبل المفاوضات عبر القنوات العلنية وربما السرية أيضاً. وخلال الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها أوباما لإسرائيل، فإنه سيكون عليه أن يوضح ماذا ينتظر من المفاوضات المباشرة مع إيران، وماذا يخطط لأن يفعل في حال فشلت العقوبات والمساعي الدبلوماسية في منع القنبلة الإيرانية.