من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· كتب الشاعر الإنكليزي ألكسندر بوب [1688-1744] في كتابه "مقالة عن الإنسان" أن "الأمل يظل يولد دائماً". وكذلك أمل إسرائيل بالسلام مع الفلسطينيين فهو يستيقظ مرة تلو الأخرى بعد كل خيبة أمل، فعندما وافق ياسر عرفات على التخلي عن الإرهاب في المؤتمر الصحافي الذي عقده في كانون الأول/ ديسمبر سنة 1988 في جنيف، صدقناه، ووقعنا معه اتفاقات أوسلو في سنة 1993، وسمحنا له ولأنصاره بالانتقال من تونس إلى غزة ورام الله، لكن سرعان ما اتضح أن عرفات لم يتخل أبداً عن الارهاب.
· في سنة 2000 قررنا الانسحاب بصورة أحادية الجانب من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان، وتخلينا عن حلفائنا - جيش لبنان الجنوبي - على أمل أنه بعد الانسحاب الإسرائيلي سيتوقف حزب الله عن القيام بعملياته الإرهابية ضد إسرائيل، وسيتحول إلى حزب لبناني، وحينئذ سنحقق السلام على حدودنا الشمالية.
· لكن هذا كان أملاً خادعاً. فالانسحاب الأحادي الجانب من لبنان لم يؤد فحسب إلى عدم توقف حزب الله عن عملياته الإرهابية ضد إسرائيل، وإنما اعتبره حسن نصر الله[الأمين العام للحزب] انتصاراً لحزبه، كما رأى فيه الفلسطينيون علامة ضعف إسرائيلية، مما أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع الانتفاضة الثانية. وقد حدث ذلك بعد مرور وقت قصير على الاقتراح الذي قدمه إيهود باراك في تموز / يوليو 2000 إلى ياسر عرفات في كامب ديفيد، والذي اشتمل على تنازلات أكبر بكثير من تلك التي عرضت عليه سابقاً من جانب أي حكومة إسرائيلية. لكن عرفات رفض هذه التنازلات، واجتاحت إسرائيل موجة من الارهاب، وفجر الانتحاريون أنفسهم في الشوارع، وقُتل نحو ألف مواطن إسرائيلي، ولم يتوقف ذلك إلا بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· في أعقاب ذلك، اقتلعنا نحو 8000 إسرائيلي من مستوطنات غوش قطيف، على أمل أن يؤدي ذلك إلى دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وبدلاً من أن يحدث ذلك، قامت "حماس" بالسيطرة على قطاع غزة وبدأت باطلاق الصواريخ على البلدات الواقعة في جنوب إسرائيل. بيد أن هذا الواقع لم يردع إيهود أولمرت عن مواصلة التفاوض مع محمود عباس، وعن أن يعرض عليه ما سبق وعرضه إيهود باراك على عرفات [في قمة كامب ديفيد سنة 2000]، إلى جانب الموافقة على عودة جزئية للاجئين الفلسطينيين. لكن هذه الاقتراحات رُفضت أيضاً.
· وهكذا توالت خيبات الأمل. وقد انخدعت إسرائيل بالآمال الكاذبة ليس مرة واحدة وإنما خمس مرات. فهل أمل إسرائيل بالسلام هو الذي سمح للفلسطينيين بخداعها أكثر من مرة؟
· مما لاشك فيه أن هناك أسباباً أخرى، من بينها شعور إسرائيل بعدم وجود خيار آخر غير الخضوع لضغوط "المجتمع الدولي"، وتقديم تنازلات يمكنها أن تؤدي إلى انهاء النزاع نهائياً وإلى الأبد. وقد ازداد هذا الشعور مع الهجمات السياسية المتكررة ضد إسرائيل في معظم دول أوروبا الغربية.
· في إسرائيل هناك من يعتقد بأن ثمة فرصة لأن تتحول إسرائيل إلى مجتمع محترم في "المجتمع الدولي" مهما كان الثمن، وأن هناك فرصة لوضع حد "للاحتلال" والتخلص من الفلسطينيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وأن وضع هؤلاء لن يصبح أفضل بعد انسحابنا، لكن هذا لا يعنينا، وهو في النهاية مشكلتهم وليست مشكلتنا. وعلى الأرجح فإن الإسرائيليين الذين يعيشون في ظل المارد الديمغرافي ولا يرغبون بزيادة عربي واحد إلى تعداد السكان الإسرائيليين سيوافقون على أي شيء يمكنه أن يزيل هذا الخطر.
· واليوم لدينا محمود عباس - الإرهابي التائب الذي يعلن عن تطلعه إلى قيام دولة فلسطينية بالوسائل السلمية. أليست هذه هي الفرصة التي كنا نحن والعالم في انتظارها؟ صحيح أن عباس سبق ورفض اقتراح أولمرت، لكن ربما ننجح في حمله هذه المرة على الموافقة. لكن هناك مشكلة واحدة وهي عدم قدرة عباس على الالتزام بالشرطَين الأساسيين اللذين ستضعهما إسرائيل في كل اتفاق يتطلب تنازلات جغرافية: الشرط الأول أن يشكل الاتفاق نهاية النزاع، ومن بعده لن تكون هناك أي مطالب فلسطينية من إسرائيل؛ والشرط الثاني ألا تتحول الأراضي التي سيحصل عليها الفلسطينيون إلى قواعد إرهاب ضد إسرائيل. وعباس غير قادر على تلبية هذه المطلبين الإسرائيليين، وهو يعرف هذا جيداً.