· إن الحملة الانتخابية والتباطؤ في تشكيل الائتلاف الحكومي أدتا إلى فترة ثلاثة إلى أربعة أشهر من الأداء الضعيف للحكومة المنتهية ولايتها. ومما لا شك فيه أنه في مواجهة الضغوط الاستثنائية التي تتعرض لها إسرائيل، فإنه من المخيف عدم وجود حكومة ذات استراتيجية طيلة هذه الفترة.
· ومع اقتراب موعد زيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل، فإنه من الضروري جداً التوصل إلى خطة استراتيجية ومقاربة دبلوماسية موحدة، ومن الصعب التوصل إليهما في حال شُكلت الحكومة قبل بضعة أيام من وصول أوباما.
· إن المكائد السياسية والتصرفات الصبيانية التي تعرقل تأليف الحكومة هي أكبر برهان على عدم المسؤولية. إذ تقتضي المصلحة الوطنية من الذين انتخبوا في مناصب عامة أن يدركوا أن من واجبهم الإسراع في تشكيل الحكومة، وعليهم أن يضعوا جانباً جدول أعمالهم الشخصي، وأن يتوقفوا عن المماطلة في المفاوضات، وعن التنافس على الحقائب الوزارية.
· وعلى الرغم من كل ما قيل في وسائل الإعلام بشأن التراجع الواضح في نسبة الاقتراع لصالح "الليكود- بيتنا"، فإن نتنياهو احتل الموقع الأفضل لتشكيل ائتلاف حكومي واسع، إذ باستثناء الكتل العربية وحركة ميرتس ثمة إجماع في الساحة السياسية بشأن كل ما يتعلق بعملية السلام.
· وعلى سبيل المثال، فإن يائير لبيد، الذي صُنف من طريق الخطأ من جانب جزء كبير من وسائل الاعلام بوصفه يمثل يسار الوسط، تعهد بصورة قاطعة بأن حزبه يش عتيد سيدعم عدم تقسيم القدس وبقاء مستوطنة أريئيل داخل حدود إسرائيل. لقد أيد يائير المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن في أعقاب رد رئيس السلطة الفلسطينية على الاقتراح الأخير الذي قدمه نتنياهو بالعودة إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة، وإصرار محمود عباس على أن تقوم إسرائيل أولاً بتجميد البناء في المتسوطنات (بما في ذلك الأحياء اليهودية في القدس)، وإطلاق سراح المخربين المعتقلين، فإنه من المؤكد أن رد نتنياهو ولبيد سيكون متطابقاً في مواجهة هذا التشدد الفلسطيني.
· أما بالنسبة إلى شيلي يحيموفيتش وتسيبي ليفني فقد ثبت في الفترة الأخيرة أنه على الرغم من تصريحاتهما فإن انضمامهما إلى الحكومة ما زال ممكناً، وهما تعترفان بأن هناك من يضغط عليهما كي يفعلا ذلك.
· من هنا يمكن القول إن الموضوع الوحيد الذي ما زال يشكل عائقاً أمام تشكيل حكومة وطنية موسعة هو تعهد العديد من الأحزاب القيام باصلاحات تضمن تحقيق "المساواة في تحمل العبء"، سواء عبر خدمة الحريديم في الجيش أو في الخدمة الوطنية وانضمامهم إلى عجلة العمل.
· لكن على الرغم من الاتزان الكبير الذي يظهره لبيد ونظرته الداعية إلى الحل التدريجي لمسألة خدمة الحريديم في الجيش، وعلى الرغم من أن قسماً كبيراً من ناخبي حزب شاس يخدمون في الجيش الإسرائيلي، فإن الحريديم يهددون بالتصعيد في هذا الموضوع، ويحاولون استغلال التوترات القائمة بين نتنياهو ولبيد.
· لقد كان لبيد خلال المعركة الانتخابية نموذجاً للاعتدال والانضباط. وهناك الكثير من السياسييين الذي يحلمون في قرارة أنفسهم بأن ينتخبوا في يوم من الأيام لرئاسة الحكومة. لكن لبيد فشل في اخفاء شعوره هذا عندما قال رداً على سؤال أنه يرى نفسه محل رئيس الحكومة الحالي خلال الأشهر الـ18 المقبلة، الأمر الذي بالتأكيد لم يكن باعثاً على الارتياح لدى نتنياهو.
· إن الحريديم هم المستفيد الأكبر مما يجري. وعلى الرغم من أن الحاخام عوفاديا يوسف [الزعيم الرحي لحزب شاس] وصف زعيم حزب البيت اليهودي [ نفتالي بينت] "بالغوييم" [لفظة تطلق على غير اليهود]، فقد توجه إلى الحاخامين المتشددين في الصهيونية الدينية طالباً منهم الضغط على بينت كي لا يدعم المساعي الآيلة إلى تجنيد أتباعهم من الحريديم. فإذا نجح هؤلاء في ذلك، سيخسر حزب البيت اليهودي الفرصة من أجل إعادة الصهيونية الدينية إلى مكانتها في الدولة الصهيونية.
· إذا شكل نتنياهو حكومة ضيقة جديدة يسيطر عليها الحريديم، أو حاول استبدال المساعي الحقيقية من أجل تجنيد الحريديم بمبادرات شكلية، فإن الناخبين سيغضبون وسيعاقبون من كان مسؤولاً عن ذلك في الانتخابات المقبلة.