الانعكاسات السياسية والاقتصادية والعسكرية لتصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

 

  • في 22 تموز/يوليو 2013، قرر مجلس الاتحاد الأوروبي اعتبار "الجناح العسكري" لحزب الله تنظيماً إرهابياً. جاء ذلك بعد نقاشات داخلية طويلة ومعقدة، زاد في وتيرتها الهجوم الإرهابي الذي وقع في بورغاس (بلغاريا) في تموز/يوليو 2012 ولا سيما بعد التوصل إلى أدلة قاطعة  تؤكد أن التنظيم الشيعي اللبناني هو المسؤول عن هذا الهجوم.
  • وعندما أعلنت حكومة بلغاريا في شباط/فبراير 2013 أن حزب الله هو الذي يقف وراء هجوم بورغاس، تسارعت العملية التي قادتها بريطانيا وهولندا بدعم من الولايات المتحدة بهدف إعلان حزب الله تنظيماً إرهابياً.
  • وعلى الرغم من أن الحكومة البلغارية الحالية تراجعت جزئياً عن الاتهام، إلا أنه من دون شك أثر في سياسة الاتحاد الأوروبي حيال حزب الله. وقد أُضيف إلى ذلك عدد من المعطيات الأخرى مثل تزايد التقارير بشأن نشاطات الحزب في أوروبا، وتوجيه الاتهام في آذار/مارس 2013 إلى شخص يحمل جنسية مزدوجة لبنانية وسويسرية أُلقي القبض عليه في قبرص في تموز/يوليو 2012 بتهمة جمع معلومات عن الطائرات والسياح الإسرائيليين لحساب حزب الله، إلى جانب زيادة التدخل العسكري للحزب في سورية، والقرار الأخير لمجلس التعاون لدول الخليج [المتخذ في 17 تموز/يوليو 2013 ويدرج حزب الله ضمن التنظيمات الارهابية]، والضغط الأميركي والإسرائيلي الكبير. وقد ساهمت هذه العوامل كلها في تجاوز تردد دول الاتحاد وخلافاتها الداخلية ووضعت حزب الله على قائمة التنظيمات الإرهابية.
  • حتى تموز/يوليو 2013 لم يكن الاتحاد الأوروبي يعتبر حزب الله تنظيماً إرهابياً، باستثناء هولندا التي وضعت الحزب على لائحة الإرهاب منذ سنة 2004 (ومن الدول التي اتخذت موقفاً مشابهاً من خارج دول الاتحاد هناك البحرين وكندا وإسرائيل والولايات المتحدة).
  • وعلى الرغم من ذلك، فقد اعتبر عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد أن اتخاذ مثل هذا القرار قد يشكل خطراً. وتخوف خبراء أوروبيون من انعكاسات مثل هذا القرار على استقرار لبنان، وأعربت دول مثل إيطاليا وإسبانيا وإيرلندا عن تخوفها على أمن جنودها العاملين في قوات اليونيفيل واحتمال تعرضهم لخطر مباشر من جانب الحزب، الذي من شأن إدراجه في قائمة التنظيمات الإرهابية أن يثير العديد من المشكلات للحكومة اللبنانية التي يتمثل فيها.
  • وبهدف إزالة هذه المخاوف والتوصل إلى الاتفاق المطلوب، قرر الاتحاد تبني وجهة نظر بريطانيا (وأستراليا ونيوزيلندا)، التمييز بين جناحي الحزب العسكري والسياسي، ومقاطعة العسكري دون السياسي.
  • من وجهة النظر التنظيمية، ليس من المنطقي التمييز بين التنظيمين العسكري والسياسي نظراً إلى ارتباطهما وكونهما يتبعان قيادة داخلية واحدة. لكن على الرغم من ذلك، فقد كان تبني الموقف البريطاني هو الوسيلة الوحيدة لدفع الدول الـ28 إلى الموافقة على تصنيف الجناح العسكري للحزب إرهابياً.
  • إن الاعلان عن حزب الله تنظيماً إرهابياً هو رسالة سياسية قاسية ضد تدخل الحزب في المنطقة ولا سيما في سورية. من هنا فمن المتوقع أن يساهم هذا الاعلان في اضعاف الشرعية السياسية للحزب وموقعه الدولي، وهما أمران لهما أهمية كبيرة بالنسبة للحزب.
  • بناء على ذلك، لم يكن مفاجئاً رد الحزب الشديد العدائية، فخلال أعوام طويلة كان يقدم نفسه بصورة مختلفة جداً عن التنظيمات الإرهابية من نوع القاعدة، ويشدد على أن نشاطه العسكري موجه فقط ضد إسرائيل ولا علاقة له بالإرهاب العالمي.
  • لكن السؤال حالياً هو عن الانعكاسات الحقيقية لهذا القرار.
  • تقنياً، في إمكان الاتحاد الأوروبي تجميد الأموال ومنع انتقالها إلى أشخاص أو تنظيمات أو أطراف يفترض أن لها علاقة بالجناح العسكري لحزب الله، كما ستتعاون دول الاتحاد على الصعيد القضائي لدى توقيف أشخاص أو جهات لها علاقة بالجناح العسكري للحزب، وسيطلب من المصارف والمؤسسات المالية التعاون في ما بينها على هذا الصعيد.
  • لكن لكي يستطيع الاتحاد الأوروبي القيام بذلك كله، فإنه يحتاج إلى أن يثبت أن هذه الاموال لها علاقة واضحة بالجناح العسكري لحزب الله، وليس بالمؤسسات الاجتماعية للحزب. ومن الواضح مدى صعوبة التأكد من هذا الأمر.
  • علاوة على ذلك، فإن مقاطعة الجناح العسكري للحزب لا تعني عدم إجراء اتصال مع أعضائه، كما أن ذلك لن يؤثر على حرية تنقلهم في أوروبا.
  • رغم ذلك كله، فإن صدور القرار رسالة تحذير سياسية واضحة تعبر عن الاستياء الأوروبي حيال النشاط الإرهابي للحزب في الأعوام الأخيرة، وحيال تدخله السافر في سورية ودعمه نظام الأسد والأفعال الوحشية التي يرتكبها ضد أبناء شعبه.