من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· تحول مثلث الحدود الإسرائيلية ـ السورية - اللبنانية أمس، وخلال بضع ساعات، إلى نسخة شرق أوسطية عن مثلث برمودا، إذ اختفت قافلة سلاح من دون أن يكون في وسع أحد تقديم تفسير لما حدث. ففي البداية اختارت الدول الثلاث التكذيب، فكذّبت سورية ولبنان حدوث أي شيء بالقرب من الحدود، وحافظت إسرائيل، خلافاً للمعتاد، على الصمت، ولم يهرع أي سياسي إلى استديوهات التلفزة للتلميح بأن لإسرائيل علاقة بما جرى، أو لا علاقة لها.
· ومن أجل شرح الاعتبارات الكامنة وراء الصمت الإسرائيلي، يجب العودة إلى الماضي القريب. ففي حال وقع الهجوم مثلما تدّعي الوكالات الأجنبية، فمعنى هذا أننا نشهد تكرار التكتيك الذي اتبع في أعقاب العمليات السابقة التي حدثت على الأراضي السورية قبل نحو أربعة أو خمسة أعوام. فخلال الفترة الممتدة ما بين أيلول / سبتمبر 2007 وصيف سنة 2008، وقعت ثلاث هجمات غامضة في سورية نُسبت إلى إسرائيل: قصف المنشأة النووية شمال شرق سورية؛ اغتيال الجنرال السوري محمد سليمان المسؤول عن المشروع النووي وعن العلاقة بحزب الله؛ حادثة اغتيال عماد مغنية في دمشق، وهو المسؤول عن جهاز العمليات الخارجية التابع للحزب.
· لقد امتنعت إسرائيل في هذه الحالات الثلاث من أن تتحمل رسمياً المسؤولية. وحتى عندما نشرت مجلة "النيو يوركر"، بعد بضعة أشهر، وصفاً دقيقاً للهجوم على المنشأة النووية، استناداً إلى مصادر أميركية وإسرائيلية، فإن الجانب الإسرائيلي حافظ على التعتيم الذي فرضته الرقابة.
· وهذا ما حدث أيضاً فيما يتعلق بسلسلة الهجمات التي وقعت في الأعوام الأخيرة في السودان، ضد قوافل أسلحة كانت في طريقها من إيران إلى غزة، إذ امتنعت إسرائيل من الرد على الاتهامات الموجهة إليها بأنها هي المسؤولة عن القصف. واستناداً إلى هذا المنطق، فما دامت إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن الهجوم، فإن إنكار وقوعه يبقى ممكناً: لم يحدث شيء، وبالتالي لا يعتبر الرئيس الأسد نفسه ملزماً بالرد على الاعتداء الذي وقع على أراضيه.
· بيد أن وضع الأسد بات أكثر خطورة بكثير ممّا كان عليه عندما وقعت الأحداث السابقة، فهو الآن يقاتل دفاعاً عن وجوده، وعن بقاء الطائفة العلوية، في مواجهة مجموعة من تنظيمات المعارضة التي سيطرت على نحو 75% من أراضي سورية. ومن هنا، فإن الاعتداء الإسرائيلي، إن كان قد حدث، هو أصغر المشكلات التي يواجهها. ولذا يمكن الافتراض أن ردّاً سورياً ليس من السيناريوهات الواردة بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من البيان الذي أصدره الجيش السوري أمس.
· إن المسألة الأكثر دقة اليوم هي كيف سيرد حزب الله. ففي السنة الأخيرة كان هناك قلق في إسرائيل إزاء ما اعتبرته تآكلاً معيناً في قدرة الجيش الإسرائيلي على الردع في مواجهة التنظيم اللبناني، وذلك بعد مرور ستة أعوام على حرب لبنان الثانية. صحيح أن حزب الله لم يبادر إلى القيام بهجمات على طول الحدود الشمالية، لكنه كان وراء الهجوم على حافلة السياح [الإسرائيليين] في بلغاريا في الصيف الماضي، ووراء تسلل طائرة استطلاع من دون طيار إلى الأجواء الإسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر. وهذه مؤشرات تدل على استعداد الحزب للمخاطرة أكثر من الماضي.
· كما تشك الاستخبارات الإسرائيلية في أن حزب الله كان وراء إطلاق صاروخَي كاتيوشا في اتجاه الجليل في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، مع أن تنظيماً سنياً غير معروف أعلن يومها مسؤوليته عن العملية. فإذا ما كان صحيحاً أن الهجوم أمس استهدف قافلة تابعة للحزب محملة بالسلاح، فسيكون علينا الانتظار كي نرى كيف سيردّ الحزب على ذلك، مع العلم بأنه لن يكون مضطراً إلى الرد فوراً بإطلاق الصواريخ، لكنه من الممكن بالتأكيد تصور سيناريو "هجوم نوعي" على طول الحدود الشمالية كردّ متأخر على الهجوم.
· يجب ألاّ ننسى أن حزب الله، الذي امتنع أمس من التطرق إلى الهجوم الليلي، يمر بمرحلة غير مريحة في ظل وضع نظام الأسد. وثمة شك في أن أسياده الإيرانيين يرغبون في نشوب حرب في الشمال، في الوقت الذي يدرس المجتمع الدولي تشديد العقوبات ضدهم في محاولة لكبح مشروعهم النووي. ومن المثير للانتباه أن التقارير بشأن الهجوم الإسرائيلي لم تحظ بالإدانة لا في الغرب، ولا من جانب الدول العربية التي، في أغلبيتها، ترغب في انهيار نظام الأسد.
· لقد سبق أن وضعت إسرائيل خطوطاً حمراً أمام السوريين وحزب الله منذ صيف 2008 خلال ولاية حكومة أولمرت، وقبل اندلاع الحرب الأهلية في سورية بوقت طويل، وحذرت من أنها لن تقبل بانتقال منظومات سلاح متطورة "تخرق التوازن" إلى يد حزب الله، وأنها عند الضرورة ستستخدم القوة للحؤول دون حدوث ذلك.
· استناداً إلى مصادر استخباراتية غربية، فإن هذا التحذير كان مفيداً لفترة من الزمن، ولكن من المحتمل أن تكون سورية وحزب الله قد نجحا منذ بضعة أعوام في خداع الاستخبارات الإسرائيلية، واستغلال ليالي الطقس الشتائي والضباب من أجل نقل هذا السلاح الحديث. وبهذه الطريقة استطاع حزب الله الحصول على صواريخ M-600 الدقيقة والبعيدة المدى، وعلى صورايخ سكود-B وسكود- D البعيدة المدى. وقد تكاثرت في الآونة الأخيرة التحذيرات من احتمال نقل السلاح الكيماوي في ظل الوضع الصعب الذي يعانيه نظام الأسد... لكن انتقال هذا السلاح من سورية يُعتبر كسراً للمحرمات، وعلى الأرجح فإن سورية ستفكر كثيراً قبل أن تفعل ذلك.