المفاوضات المنتظرة لن تثمر استقلالاً فلسطينياً حقيقياً، والشعب الإسرائيلي لم ينضج للتوصل إلى اتفاق
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- من المنتظر أن تضيّع إسرائيل الفرصة في جولة المحادثات الجديدة مع الفلسطينيين مرة أخرى كما أضاعتها حكومتا رابين – بيرس وإيهود باراك.
- إن النقاشات الدائرة بشأن طرح أي اتفاق مع الفلسطينيين على الاستفتاء العام تتجاهل أمراً جوهرياً، هو أن مستقبل المجتمع اليهودي في هذا الجزء من الشرق الأوسط مرتبط بقدرة إسرائيل وإرادتها على التحرر من المفهوم الإثنوقراطي الذي يعتبر الديمقراطية لليهود فقط، وعلى هذا الأساس قامت دولة إسرائيل منذ سبعة عقود تقريباً. لقد أعمى تفوقنا العسكري والاقتصادي أبصارنا وجعلنا نعتقد أن الفلسطينيين هم الذين يحتاجون إلينا، وأننا نجحنا في أن ندفعهم إلى موقف ضعف، وأجبرناهم على الموافقة على ما رفضوه طوال عشرين عاماً، أي القبول بأقل من حدود 1967.
- لذا، فإن المفاوضات المنتظرة الآن بمشاركة أميركية غير حيادية ولن تثمر استقلالاً فلسطينياً. لكن المسؤول عن ذلك ليس بنيامين نتنياهو والمشكلات التي يواجهها داخل الائتلاف الحكومي، بل الشعب الإسرائيلي الذي لم ينضج بما فيه الكفاية كي يطلب من قادته السعي إلى اتفاق سلام، ولأن هذا الشعب لا يزال يستفيد كثيراً من الاحتلال. وليس عبثاً أن لدينا أكثر من 6800 شركة مصدرة للسلاح، وأننا نحتل المرتبة السادسة عالمياً بين الدول المصدرة للسلاح، وأننا نأتي في المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تبيع طائرات من دون طيار تم تطويرها على حساب أجساد اللبنانيين، وكذلك وبصورة خاصة على حساب سكان قطاع غزة. حتى لو كانت نسبة الإسرائيليين الذين يعملون في قطاع صناعة السلاح وتصديره وفي مجال الصناعة العسكرية بصورة عامة، نسبة قليلة، إلا أنها تملك تأثيراً قوياً في محيطها.
- لقد جاءت التعليمات الأوروبية بعدم التعاون مع المستوطنات والشركات التي لها علاقة بها، متأخرة أكثر من 15 عاماً على الأقل. فمنذ تسعينيات القرن الماضي كان واضحاً لأوروبا أن الاستعمار في الضفة وغزة يتناقض مع تفسيرها لاتفاقات أوسلو، لكن ذلك لم يمنعها من منح إسرائيل اتفاقات تجارية خاصة. كما أن التأييد الأوروبي الكبير للسلطة الفلسطينية (الذي برز من خلال التعويض عن الأضرار التي يسببها الاحتلال الإسرائيلي والقيود التي يفرضها على التنقل)، لم يمنح أوروبا وزناً سياسياً حقيقياً في نظر إسرائيل في مسألة التفاوض. لكن الخطوة الحازمة التي اتخذتها أوروبا هذا الأسبوع أعادت بناء مكانتها سياسياً.
- لقد أوضح الفلسطينيون أنه في حال تراجع الاتحاد الأوروبي عن قراره كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة، فإنهم سيوقفون التفاوض. لكن الأثر النفسي الكبير الذي خلفه صدور القرار الأوروبي بمقاطعة المستوطنات يمكن أن يتلاشى بسرعة ولن يشعر الإسرائيليون فوراً بنتائج القرار بل بصورة تدريجية. وبالتالي سيمر وقت طويل قبل أن يدرك العدد الأكبر من الإسرائيليين أن الاحتلال لا ينفعهم.
- إن الاعتماد على الضعف الفلسطيني خطأ. صحيح أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية متحجرة ويسيطر عليها شخص واحد لا يتشاور مع غيره ولا يهتم برأي شعبه، لكنه حتى هو [المقصود أبو مازن]، لا يمكنه أن يقبل ما ستعرضه حكومة نتنياهو – بينت – لبيد عليه. وصحيح أيضاً أن المجتمع الفلسطيني منقسم جغرافياً وسياسياً أكثر مما كان قبل عشرين عاماً، لكنه لا تزال لديه قدرة هائلة على التحمل لا يملكها الإسرائيليون.
- منذ أعوام ترزح السلطة الفلسطينية وحكومة حماس تحت وطأة الصعوبات المالية والحصار الاقتصادي، وتعمقت الانقسامات الاجتماعية – الاقتصادية، وساد جو من عدم المبالاة بالسياسة. لكن تحت السطح تغلي تطورات جديدة وتبرز مبادرات تهدف إلى تحويل الشعب الفلسطيني – في الضفة وقطاع غزة والشتات – الى جسم سياسي مُقرر واحد. كما يجري البحث الجدي عن أفكار وسبل للنضال خارج إطار المفاوضات، وينشأ جيل فلسطيني جديد ليس كثير الاهتمام بالتوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين لأن هؤلاء غير ناضجين لاتفاق عادل.
- وحينما نستيقظ نحن الإسرائيليين ونستجدي اتفاقاً، سيكون الوقت متأخراً جداً.