· "لقد قلنا لكم إنهم فعلاً لا يريدون الجمهور الحريدي لا في الجيش ولا في المجتمع الإسرائيلي". هذا هو بالتأكيد ما سيكون عليه رد زعماء الجمهور الحريدي قبل أن يعبروا عنه أمام الإعلام على القرار الذي أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا القاضي بمنع الدولة من دفع المخصصات الحكومية لتلامذة المدارس التوراتية الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و20 عاماً من الذين أجّل وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعلون موعد التحاقهم بالخدمة العسكرية الإلزامية.
· ومن المنتظر أن يُستغل قرار المحكمة العليا من جانب الجناح المتشدد وسط الجمهور الحريدي، الذي يرفض أي تعاون مع الجيش الإسرائيلي الذي يلعب الدور الأساسي في عملية التنشئة الإسرائيلية. ويدعي هذا الجناح أن اظهار الانفتاح مهما كان صغيراً، سيضعف القطاع الحريدي ويؤدي إلى تغييره.
· لا شك في أن قرار المحكمة العليا سيكون له تأثيره في حوار جميع الأطراف مع زعامة الجمهور الحريدي. وحتى لو ادّعت الزعامة الحريدية المعتدلة بعد بضعة أسابيع أن قرار المحكمة لا يؤثر عليها في المستوى الظاهر للعيان، فمن الصعب جداً أن نقتنع بأن القرار لا يؤثر عليها على مستوى اللاوعي. وبتأثير من المحكمة العليا وبوحي منها، تراجع الحوار بين القطاع الحريدي والجمهور العام خطوات كثيرة إلى الوراء، واختفت الثغرات التي كانت تفصل بين مواقف حزب "شاس" وحزب "يهدوت هتوراه"، فحين يشعر معسكر المتدينين بالخطر، تتلاشى الفوراق الداخلية بينهم.
· وإلى جانب ردود الفعل التي برزت وسط الجمهور الحريدي، من المهم معرفة كيف استقبلت وزارة الدفاع قرار المحكمة العليا بعيداً عن وسائل الاعلام، وكذلك معرفة ما سيقوله وزير الدفاع وممثلوه للجمهور الحريدي بعيداً عن كاميرات التصوير.
· يلعب قرار المحكمة العليا دوراً أساسياً في انتقال الديمقراطية الإسرائيلية من الديمقراطية التوافقية إلى ديمقراطية مأزومة. فقد تدخلت المحكمة العليا في عمل الحكومة ووزارة الدفاع، وهذه حقيقة إسرائيلية وليست وجهة نظر حريدية.
· في النهاية، هناك سؤال صغير يطرح عن ضرورة درس ردود الفعل [على قرار المحكمة العليا] داخل أوساط العالم الصهيوني المتدين. وكما هو معروف، فإن هذا العالم لم يعد عالماً واحداً منذ وقت طويل، فالجناح الحريدي القومي قريب أيديولوجياً من الزعامة الحريدية المعتدلة. فهل سيجرؤ هذا الجناح الممثل في حزب البيت اليهودي على رفع صوته؟
· في جميع الأحوال، ليس من المتوقع في المدى القريب أن يسود الهدوء بين الحريديم والمجتمع الإسرائيلي.