· إن الدعوات إلى مقاطعة إسرائيل ظاهرة مقلقة للغاية. وهي لم تبدأ في أذهان اللجان العمالية الإيرلندية، ولا وسط إدارة صناديق التقاعد الكبرى في النروج، ولا وسط شركات المياه الكبرى في هولندا، ولكنها بدأت عبر مساعي الطلبة الفلسطينيين الحثيثة المدعومة بالمال السعودي، ومن خلال النشاط الجامعي في شتى أنحاء العالم من أجل بذل كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تشويه صورة إسرائيل وإظهارها بمظهر دولة تمييز عنصري.
· صحيح أن نجاح هذه الأنشطة الجامعية كان محدوداً، لكن انطلاقاً منها برزت حركة الـ BDS (Boycott, Divestment, and Sanction) (مقاطعة ومنع الاستثمارات وعقوبات).
· وفي الأعوام الأخيرة وبفضل شبكات التواصل الاجتماعي، بدأت القضية تكبر وتحولت إلى نوع من فيروس معد ينتقل من تنظيم يساري يحمل اللون الأحمر، إلى تنظيم مؤيد للفلسطينيين يحمل اللون الأخضر [انصار الدفاع عن البيئة].
إن تزايد التهديدات بالمقاطعة في السنوات الأخيرة وتهديد كيري بالمقاطعة أيضاً، لم يحدث مصادفة، هو على صلة بالضغوط التي نشهدها وهذا ما يجب أن يثير قلقنا. لا نستطيع الاكتفاء بالعبارات التي تتحدث عن أرض إسرائيل الكاملة وأن الغربيين لا يستطيعون أن يعظونا فنحن شعب عريق ولدينا حقوق على هذه الأرض التي عانينا من اجلها وعشنا فيها وبنينا عليها.
· فبرغم صحة هذه الحجج وايماني الكبير بها، لم يعد ذلك نافعاً بعد اليوم.
نريد أن نشرح للذين لم يفهموا حتى الآن ولا سيما متطرفي حزب البيت اليهودي، ما هو معنى كلمة العولمة التي يجب أن تثير قلقهم. فعندما يباع الخس من غوش عتسيون في سوبرماركت راق في منطقة هامبستيد في لندن، فإن هذه هي العولمة. وعندما لا نستطيع أن نفعل شيئاً من دون أن يراه ويعرف به الجميع، فإن هذه هي العولمة. وعندما يتأثر ميزان التجارة الخارجية في إسرائيل بالتقارير الصباحية في فرنسا، فان هذه هي العولمة. وعندما تتزايد المقاطعة، فإن هذا لا يساعدنا كثيراً حتى على بيع الخس.
· من الطبيعي حدوث تسوية سياسية لأنها يجب أن تحدث. كما أن الكتل الاستيطانية يجب أن تبقى في يد إسرائيل. ومن الطبيعي أن يبقى غور الأردن تحت سيطرة إسرائيل وإلا سنضطر إلى الانتقال للعيش في الملاجئ. ومن الطبيعي ألا تتحقق عودة اللاجئين، فليس هناك إسرائيلي عاقل يقبل بها.
· ولكن من الطبيعي أيضاً أن نتخلى عن المستوطنات المنعزلة وأن نفككها وندمرها بعد ان احتفظنا بها سنوات طويلة كي يكون لدينا ما نتنازل عنه ونفككه وندمره عندما يضغط العالم علينا. إن غض النظر عن هذا كله لم يعد ينفع. كم يمكننا الانتظار بعد؟ سنة، سنتان أو ثلاث؟ لا يمكننا أن نواصل الهرب من ساعة الحسم. فهذا لم يعد ينفعنا بعد اليوم.