أوباما يدعم مهمة وزير خارجيته وهذا يعطي وعود كيري وتهديداته قوة كبيرة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·      يمكن القول إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعلم شيئاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومن عدد من رؤساء الحكومة الإسرائيليين السابقين، هو عدم قول لا مطلقة لوزير خارجية أميركي متحمس وطموح. وقد حرص عباس في أحاديث مع شخصيات أجنبية في نهاية الأسبوع الفائت وكذلك في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، على أن يؤكد الجانب الإيجابي في جهود الوساطة الأميركية.

·      ومما قاله عباس أن نتنياهو يطلب أن تكون الدولة الفلسطينية [التي ستُقام] منزوعة السلاح، وهو يؤيد ذلك فليس لديه أي حاجة إلى إقامة جيش قد ينقلب عليه في آخر الأمر، وتكفيه شرطة مدنية كما هي الحال الآن. كذلك قال عباس إن نتنياهو يطلب فترة انتقالية طويلة حتى التنفيذ النهائي، والفلسطينيون أكدوا في السابق أن ثلاث سنوات تكفي، لكنهم الآن على استعداد لقبول فترة خمس سنوات.

·      وأكد عباس أيضاً إن إسرائيل والأردن تخشيان ما سيحدث في غور الأردن، وأنه لا يعارض أن ترابط قوة دولية تكون مؤلفة من الأردن وحلف شمال الأطلسي [الناتو] مثلاً في الغور بعد الفترة الانتقالية، وتبقى هناك إلى الأبد.

·      وشدّد عباس على أنه لن يعلن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، لكنه سيبقي بين الأسطر مكاناً لتفكير إبداعيّ، فقد تحدث قرار التقسيم الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 (القرار رقم 181) عن دولة يهودية ودولة عربية تُقامان في مناطق أرض إسرائيل [فلسطين]، وتبنى [رئيس السلطة الفلسطينية السابق] ياسر عرفات القرار وكرّر ذلك بصوته. وبالتالي، قد يصبح عرفات الدرع الواقية التي تتيح لعباس إمكان الاستجابة للطلب الإسرائيلي من دون أن يُنظر إليه باعتباره خائناً من جانب الجمهور الفلسطيني العريض.

·      ويقبل عباس ضمناً خطة كلينتون بشأن القدس التي تنص على أن تبقى الأحياء اليهودية وراء الخط الأخضر تحت سيادة إسرائيل، وتكون الأحياء العربية تحت سيادة الدولة الفلسطينية التي ستقام، لكنه في الوقت عينه يصر على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لتلك الدولة الفلسطينية ويشمل ذلك الحوض المقدس والأحياء المحيطة به.

·      وفي ما يتعلق بمستقبل المستوطنات تبنى عباس موقفاً محنكاً أيضاً يُمكنه من حرية المناورة. فهو يقول لنبلور أولا خطاً حدودياً متفقاً عليه، وفي المرحلة اللاحقة تستطيع إسرائيل أن تبني في كتلها الاستيطانية كيفما تشاء، وتُجمّد البناء في المستوطنات شرقي هذا الخط ويُحدّد مستقبلها في المفاوضات في وقت لاحق.

·      كما يصر على أن تحصل الدولة الفلسطينية ضمن عملية تبادل الأراضي على أراض متساوية من حيث المساحة والجودة كما وُعدت. وحينما يُذكرونه بأن الوفاء بهذا الوعد صعب للغاية يؤكد أن الشهوة للأرض ليست الدافع الذي يوجهه وإنما الرفض الإسرائيلي لتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لأنه إذا كان من المفترض أن تستوعب الدولة الفلسطينية 300,000- 400,000 لاجئ فإنها بحاجة إلى أرض.

·      إن صورة الوضع قبل انقضاء المهلة التي حدّدها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لجولة المفاوضات الحالية بين إسرائيل والفلسطينيين [في نيسان/ أبريل المقبل]، تشير إلى أن اللعبة باتت تجري في ملعبين في الوقت عينه. في الملعب الأول تجري لعبة اتهام يحاول كل جانب من خلالها أن يقلل حجم الضرر الذي سيلحق به غداة تفجّر المفاوضات، وفي الملعب الثاني تجري لعبة الاتفاق، ويحاول كل جانب من خلالها أن يدفع بمصالحه قدماً في الوثيقة التي سيصدرها الأميركيون. إن احتمالات النجاح غير كبيرة لكنها أكبر كثيراً من التقديرات التي صاحبت المفاوضات في بدايتها.

·      في الأشهر الأولى من مهمة كيري بدا للجميع أن الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي واجه الكثير من الإخفاقات في ولايته الرئاسية الأولى، ينأى بنفسه عن المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية. قد يكون حدث تغيّر في هذا الشأن، وقد أكد أحد كبار المسؤولين السابقين في الإدارة الأميركية أثناء زيارة قام بها إلى إسرائيل الأسبوع الفائت، أن أوباما يرغب في غضون الأعوام الثلاثة الباقية من ولايته أن يحصر اهتمامه في إرثه، وهو يتجه أكثر فأكثر نحو اليسار في الحزب الديمقراطي الذي يولي أهمية كبيرة لمسألة إحراز اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.

·      ولا شك في أن تأييد الرئيس الأميركي يعطي وعود كيري قوة كبيرة ويعزّز تهديداته، وبناء على ذلك، عندما يحذر كيري إسرائيل من مغبة فرض مقاطعات دولية عليها على غرار ما حدث مع جنوب إفريقيا، فإنه يعلم ما الذي يتحدث عنه.

·      يكفي أن يقول كيري في حال فشل المفاوضات، إن الولايات المتحدة تنفض يدها من العملية السياسية، أو الأخطر من هذا أن يقول إنه خلص إلى استنتاج فحواه أنه لا سبيل إلى التوصل إلى حل الدولتين، كي يجعل ذلك إسرائيل في نظر جزء كبير من الغرب تشبه جنوب إفريقيا في إبان فترة نظام الفصل العنصري [الأبارتهايد].