· من الصعب أن نتصور موضوعاً يفوق في أهميته المفاوضات الحالية مع الفلسطينيين. وعلى الرغم من ذلك، يمتاز التوجه الأساسي في معالجة الموضوع بالتشاؤم والعداء، ويجري الحديث عن "تقليص المخاطر" و"إدارة الصراع" وما إلى ذلك، ولا أحد يذكر الفوائد الكبيرة التي ينطوي عليها السلام، كما لا يتحدث أحد عن السلام.
· وهذا تضييع للفرصة لأن الاتفاق سيحدث بطريقة أو بأخرى وهو آت، وخطوطه العامة أصبحت واضحة. وهذا هو سبب التوتر الكبير لأطراف كثيرة في الليكود وفي البيت اليهودي.
لقد تحولت كلمة "سلام" إلى كلمة مستهجنة، ولكن يجب ألا ننسى الثمار المذهلة للسلام.
· لقد مرت عشرات السنين منذ زيارة السادات لإسرائيل واستكمال الانسحاب من سيناء. وشهدت مصر وإسرائيل أحداثاً كثيرة، اغتيال زعماء، وتغيير أنظمة، وحروباً، وانهيارات اقتصادية، لكن الاتفاق ظل صامداً وقائماً، واستطاع أن يمر بكل الاختبارات لأنه يعبر عن مصلحة عليا للطرفين.
وما هي هذه المصلحة العليا؟
· إنها الازدهار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بالمعنى العميق للكلمة، جرّاء توجيه الموارد وإزالة الخطر الوجودي المتمثل في هجوم للجيوش النظامية.
· من الصعب على شباب إسرائيل اليوم أن يتخيلوا المخاطر وحجم الخسائر التي تكبدناها في حرب الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973].
وماذا عن الأردن؟
· لقد مر 20 عاماً تقريباً منذ توقيع اتفاق عربة، وأصبحت أطول حدود لنا مستقرة وهادئة، وتحققت مشاريع مياه وسياحة وتجارة إلى جانب التعاون الأمني. فهل هناك ذرة شك في أهمية الاتفاق الإسرائيلي- الأردني وفي كونه يمثل مصلحة عليا بالنسبة للطرفين؟
· إن جميع هذه الأمور صحيحة وتنطبق أيضاً على ما يتعلق بالاتفاق مع الفلسطينيين.
· عندما يحصل الفلسطينيون على حقوقهم الأساسية بالسيادة مثل تلك التي لدى الإسرائيليين، واستناداً إلى الصيغة المعروفة منذ التوقيع عليها في البيت الأبيض، فإن الطريق ستفتح أمام السلام، وسيزول حجر عثرة كبير يعترض العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي، كما ستفتح أمامنا آفاق جديدة للتعاون الأوروبي والشرق أوسطي. يمكننا رؤية ذلك من خلال اقتراح الاتحاد الأوروبي الذي قوبل بتجاهل مذهل من جانب القدس، بانضمام إسرائيل كعضو خاص مما يحسن وضعنا بغض النظر عن وضعنا الدولي. وسيكون في إمكان الاقتصاد الإسرائيلي الأكبر والأكثر نمواً في المنطقة، أن يفرد جناحيه ويبدأ في استنفاد طاقاته الإقليمية الكبيرة.
· طبعاً هناك دائماً مخاطر، ولا يمكن الاستخفاف بها، لكن المعالجة الجذرية هي في نهاية المطاف على الصعيد السياسي.
· ليس هذا حلم خيال مثالياً، ففي زمن الاتفاقات يمكن أن تقع اعتداءات وهجمات. لكن عندما يكون هناك أساس صحيح وثابت مثلما أثبتت الاتفاقات مع مصر والأردن، فإن الاتفاقات مع السلطة الفلسطينية تستطيع هي أيضاً مواجهة هذه الهجمات بصورة أكثر فاعلية مقارنة بخيارت من الصعب تحملها.
وكما قال بنجامين فرانكلين الكبير [مؤسس الولايات المتحدة 1706-1790]: "لا وجود لحرب جيدة، كما لا وجود لسلام سيئ".