· إن تشديد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على أنه لا ينوي إخلاء أي مستوطنة أو مستوطن، يمكن أن يُفسر بأنه كلام صقري ومتطرف لو كان صادراً عن زملائه من السياسيين الذين يعارضون إنشاء دولة فلسطينية. لكن بما أن نتنياهو يدعم نشوء هذه الدولة، فإن لكلامه مغزى آخر تماماً، إذ أنه لا يرغب في الدخول في مواجهة مع المستوطنين، وهو يعلمهم بأنه سيدافع عن حقهم في البقاء على أراضي الدولة الفلسطينية التي ستنشأ. وهذا هو السبب الذي منع الفلسطينيين من الاحتجاج وهو سبب عدم تعليق الناطقة باسم البيت الأبيض على هذا الكلام. فالجميع فهم الرسالة.
· وإذا كان الرئيس أوباما يتحدث عن حظوظ نجاح لا تتعدى 50% للعملية السياسية الجارية حالياً في الشرق الأوسط، فإن جون كيري يظهر تفاؤلاً حقيقياً. فهو الآن في ذروة الاعداد للموقف الأميركي الذي سيشكل إطاراً للمفاوضات على اتفاق دائم يجري تنفيذه خلال فترة زمنية طويلة. وتتركز جهوده في هذه الأيام على تنسيق مواقف الطرفين مع ورقته، في وقت يبدو أن هدفه الأساسي حالياً هو ألا يرفض أي طرف الموقف الأميركي، وأن يوافق الفلسطينيون على مواصلة المفاوضات بعد الموعد المحدد لها في نيسان/أبريل المقبل.
· بالنسبة للموضوع الأمني، يعرف كيري أن نتنياهو مصرّ على الوجود الإسرائيلي على طول نهر الأردن، وأن الفلسطينيين يرفضون ذلك. والحل الذي يطرحه هو تسوية موقتة سيعرضها في الورقة الأميركية. أما بالنسبة لموضوع الحدود فهو يدرك عدم استعداد نتنياهو للعودة إلى حدود 67، وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يستطيع التنازل عن ذلك. والحل المقترح مستقى من مقترحات الرئيس بوش، أي إنهاء الاحتلال العائد إلى سنة 67 مع تعديلات متبادلة للحدود.
· وبالنسبة لموضوع القدس يدرك كيري أن عباس لا يستطيع الموافقة على ورقة يتنازل فيها عن العاصمة الفلسطينية في القدس، وأن نتنياهو يعارض تقسيم المدينة. أما الحل فهو عاصمتان في القدس الكبرى، بحيث تكون العاصمة الفلسطينية في القدس، وعاصمة إسرائيل في أورشليم.
· أما في ما يتعلق بحق العودة فمن الواضح للطرفين أنه لن يُسمح بتدفق اللاجئين إلى إسرائيل. وعلى ما يبدو، فإن الاقتراح الأميركي الذي يقضي بحل مشكلة اللاجئين وفق المبادرة العربية وبأن تكون الدولة الفلسطينية الجديدة قادرة على استيعاب عدد كبير منهم، سيشكل جسراً أميركياً بين الطرفين.
· أما بالنسبة للمستوطنات، ففي إمكان الأميركيين القول إن على الطرفين التوصل إلى اتفاق يتضمن شروطاً تسمح للمستوطنين الراغبين بالبقاء في مستوطناتهم في الدولة الفلسطينية كمقيمين دائمين.
· وبالنسبة للاعتراف بالدولة اليهودية، يفكر كيري بأن يستشهد بعبارة وردت في "اعلان الاستقلال" الفلسطيني العائد لسنة 1988 وجاء فيها "إن قرار الأمم المتحدة 181 (1947) الذي قسّم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، يوفّر الشروط لشرعية دولية تضمن حق الشعب الفلسطيني العربي بالسيادة". وهناك خيار آخر هو أن الدولتين لشعبين هما الوطنان القوميان للطرفين، من دون المساس بحقوق الأقليات.
· أما بالنسبة لإنهاء المطالب، فعلى الرغم من المخاوف الأولى، لا خلاف في هذا الشأن بين الطرفين اللذين يرغبان في القول إن هدف المفاوضات هو إنهاء المطالب المتبادلة والتوصل إلى إنهاء النزاع.
· هذا هو سبب تفاول كيري، وكلام نتنياهو تحديداً مشجع له.