التكنولوجيا والتعاون الأمني مع الأردن والفلسطينيين سيسمحان بتقليص الوجود الإسرائيلي في غور الأردن
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·      كنت دائماً من بين الذين اعتقدوا أن وجود الجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن يجب أن يكون بنداً أمنياً في كل اتفاق مع الفلسطينيين، فالحاجة إلى الدفاع عن إسرائيل في الشرق وضمان تجريد الضفة الغربية من السلاح هما اللذان يفرضان ذلك. لكن اليوم، وبفضل ثلاثة تطورات، اثنان تكنولوجيان وثالث جوهري، يمكننا الدفاع عن هذه الحاجات الأمنية بصورة لا تتعارض مع مطالبة الفلسطينيين بالسيادة، ولا تشكل عقبة للاتفاق معهم.
التطور الأول هو قدرة الجيش الإسرائيلي التي لم تكن موجودة في الماضي، على تحديد أهداف أمنية بعيدة جداً وتدميرها بدقة كبيرة.

·      أما التطور الثاني فهو على صعيد التطور التكنولوجي في مجالي تحديد هوية الأشخاص ووسائل الاتصال المعلوماتية، إذ يمكننا اليوم تحديد هوية المشتبهين بالارهاب في المطارات وما وراء الحدود، وتحليل المعلومات واعتقالهم خلال ثوان معدودة.

·      إن مغزى هذين التطورين التكنولوجيين هو أنه يمكن من خلال إغارة فتاكة ودقيقة منع كل محاولة لإدخال سلاح هجومي من الأردن إلى الدولة الفلسطينية، وإحباط أي عملية تأهب معادية لإسرائيل في الضفة الشرقية من الأردن، من دون نشر تشكيلات مدرعة للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن. وعند الحاجة، يمكننا أن نفعل ذلك خلال ساعات محدودة فقط.

·      ثمة مغزى آخر لما سبق هو القدرة اليوم على منع دخول عناصر إرهابية إلى الضفة الغربية عن طريق التعرف السريع والأكيد على هويات هؤلاء الأشخاص. وإذا أخذنا في اعتبارنا القدرة على كبح القوات المعادية من خلال تحديدها ومهاجمتها وهي على بعد عشرات الكيلومترات، والقدرة على الرقابة المحكمة  على المعابر الحدودية، فإنه يمكننا تقليل الانتشار الإسرائيلي على طول الحدود مع الأردن إلى حده الأدنى بحيث يستطيع الفلسطينيون هضمه.
لكن التكنولوجيا لا تستطيع وحدها بلورة الحقائق الأمنية الجديدة المطلوبة للدفاع عن إسرائيل. وهنا يبرز دور التطور الثالث، السياسي، الذي سيسمح بمقاربة أمنية جديدة على الحدود الشرقية لإسرائيل.

·      خلال الأعوام الأخيرة اتضح بصورة لا تقبل الشك أن لدى كل من إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية أعداء مشتركين هم: الجهاد الإسلامي، والتنظيمات السلفية، والإخوان المسلمين الذين تشكل حركة "حماس" جزءاً منهم.

·      وقد أدى هذا الاعتراف بالعدو المشترك إلى ازدهار التعاون الأمني بين إسرائيل والأردن وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وترفض الزعامة السياسية في إسرائيل وفي السلطة الإقرار علناً بهذا التعاون لأسباب داخلية تتعلق بكل واحدة منها. لكن ما يمكن قوله إن هذا التعاون سيكون عرضة للخطر إذا تضاءلت فرص التوصل إلى تسوية سياسية.

·      يتمسك المعارضون المتطرفون عندنا لأي تسوية دائمة مع الفلسطينين بالنظرية القديمة التي كانت صحيحة في الماضي وتقول إن نشر تشكيلات للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأدرن شرط لا يمكن التراجع عنه في التسوية الدائمة. وهم بذلك يسعون إلى تقويض الاتفاق بحجة أمنية يمكن أن تبلور حولها إجماعاً وطنياً واسعاً.

·      إذا جمعنا بين القدرات الجديدة للجيش الإسرائيلي والأجهزة الاستخباراتية في آلية تعاون أمني ثلاثي- إسرائيلي، فلسطيني، أردني- فإنه يمكننا التوصل إلى تسوية متفق عليها على الحدود الشرقية تضمن أمن إسرائيل وتكون مقبولة من جانب جيرانها.

إن الاتفاق الذي يستند إلى المصالح الأساسية المشتركة بين الدول الثلاث سيكون أكثر فاعلية بكثير من انتشار قوات أجنبية لا تدافع عن أرضها.