· مع استمرار المهمة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتسوية النزاع مع الفلسطينيين، لا بُدّ من طرح سؤال هو: بأي شروط علينا أن ننسحب من منطقة غور الأردن، وهل يجب إخلاء مستوطنات الغور؟.
برأيي، فإن جولة المفاوضات الحالية لن يُكتب لها النجاح من دون حل قضية غور الأردن.
· يرى الفلسطينيون أن استمرار بقائنا على طول نهر الأردن سيؤدي إلى إحاطة الدولة الفلسطينية التي ستُقام، بقوات عسكرية إسرائيلية وجدران فاصلة من جميع الجهات، الأمر الذي سيجعل من الصعب على [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس أن يدعي أمام شعبه إقامة دولة ذات سيادة كاملة.
· ويرى الأردنيون، ومع أن أحداً منهم لا يعترف بذلك علناً، أن تسليم الغور إلى سيادة السلطة الفلسطينية يجعل الجالية الفلسطينية في الأردن التي تصل نسبتها إلى 60% من عدد سكان المملكة، تتواصل مع الفلسطينيين في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، ما سيعرّض للخطر استقرار نظام الحكم الهاشمي على المدى البعيد. وبناء على ذلك، من المنطق أن نفترض أن جزءاً من المحادثات التي جرت أخيراً بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني دار حول الانعكاسات الأمنية والديموغرافية لأي انسحاب إسرائيلي محتمل من غور الأردن.
· سبق لي أن عملت عشرة أعوام على موضوع القوات الدولية باعتبارها جزءاً من معادلة حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وفي إطار ذلك قمت بزيارة كوسوفو ومكدونيا والبوسنة وجنوب لبنان، وعقدت اجتماعات مع جنرالات أميركيين وكنديين وفرنسيين وألمان وهولنديين وإسبانيين خدموا في هذه القوات، كما أنني اشتركت في عشرات الحلقات الدراسية مع مسؤولين من أوروبا والولايات المتحدة وكندا نوقشت خلالها أسئلة مركزية مثل: ما هي السلطة التي ستخوّل لهذه القوات، كيف ستكون تركيبتها، ما هو مدى استعدادها للعمل في محيط معاد، هل بإمكانها أن تطلق النار وأن تعرّض للخطر حياة فلسطينيين وإسرائيليين لا يستجيبون لأوامرها؟
· إن ما تبيّن لي في حينه هو أن القوات الدولية غير معنية بالتعرّض للخطر، وتفضل استعمال وسائل مراقبة متطوّرة، كما أنها لا تمنع تهريب وسائل قتالية ولا تكبح عمليات "إرهابية".
· في ضوء ذلك، يمكن القول إن خيبة الأمل والإحباط اللذين أثارتهما الخطة الأمنية الأميركية التي تنص على أن تحل محطات إنذار إلكترونية محل القوات العسكرية الإسرائيلية على طول نهر الأردن وتجاهل الولايات المتحدة للظروف القائمة ميدانياً، أفضيا إلى التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أخيراً وشنّ فيها هجوماً حاداً على وزير الخارجية الأميركي.
· إذا كانت القوات الدولية على استعداد لأن تؤدي المهمات المطلوبة منها في كل ما يتعلق بمنع تهريب وسائل قتالية وكبح عمليات "إرهابية" لا أن تكون جيش سلام ومراقبين فقط، فثمة مكان للتفكير في الانسحاب من غور الأردن في إطار اتفاق سلام دائم.
· أمّا السؤال بشأن عمق الشريط الأمني في الغور، فهو تقني عسكري قد يتم الاتفاق عليه بين الجانبين.
· وفي جميع الأحوال، من غير الوارد قطّ أن تُسلم السيطرة الأمنية على طول منطقة الغور إلى الفلسطينيين فقط، ولا بُد من دمج ضباط ارتباط إسرائيليين وفلسطينيين ضمن القوات الدولية وإنشاء منظومات تحكم ورقابة وتعاون استخباراتي. فضلاً عن ذلك، يجب أن يستمر نشر القوات الدولية في المنطقة عقدين أو على الأقل أكثر من الأعوام الخمسة المقترحة الآن في إطار جولة المفاوضات الحالية.
· وفي حال نجاح نموذج عمل القوات الدولية هذا على طول غور الأردن، يمكن أن يصبح سابقة إيجابية لأماكن أشد تعقيداً على غرار البلدة القديمة في القدس الشرقية، فقد أصبح واضحاً للجميع أن تقاسم السيادة في هذه البلدة القديمة في الوقت الحالي مجرد وهم، واتضح أيضاً أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق سلام نهائي إذا لم يشمل القدس.
· كما أننا بحاجة إلى أن نعالج قضية السيطرة على الشريط البحري قبالة ساحل قطاع غزة. ويمكن أن يكون الحل لهذا الأمر كامناً في مرابطة قوات بحرية دولية تقوم بدوريات دائمة على طول ساحل القطاع وتكون ذات قدرة على منع تهريب الوسائل القتالية و"الإرهابيين". ومن المهم أن تكون هذه القوات البحرية مستعدة لإطلاق النار على المهربين وقت الحاجة.
· بناء على ذلك، فإن السابقة التي قد يتم إحرازها في غور الأردن تنطوي على فوائد جمّة أيضاً بالنسبة إلى القطاع.