لماذا في إسرائيل لا نسمع صوت الأغلبية الكبيرة التي تريد السلام وتؤيد حل الدولتين؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·      قبل أي شيء يجب أن نقول إن الفلسطينيين متهمون هم أيضاً بتفجير المحادثات. لكن ماذا يغير هذا في الأمر؟ طوال تسعة أشهر يحاول كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس السلطة الفلسطينية إلصاق تهمة إفشال المحادثات بالآخر. لكن ما يجب قوله هو إن إسرائيل خسرت هذه المعركة. فالأميركيون يقولون إن إسرائيل هي المتهمة الأساسية، والأوروبيون لا يهمهم الأمر، في حين أن الجمهور الإسرائيلي هو الذي سيدفع الثمن الباهظ لهذا الفشل. أما الوزيران نفتالي بينت وأوري أريئيل فسيبدوان المنتصرين الكبيرين، ولن يضطر رئيس الحكومة إلى التشاجر مع أي من أعضاء ائتلافه.

·      لكن هناك طرفين أكثر أهمية في هذا الائتلاف لو قاما بمهمتهما كما يجب لاضطر نتنياهو إلى عدهما ضمن الأطراف التي يخاف أن تسلبه السلطة والحكم. لقد كان يتعين على 25 عضو كنيست في هذا الائتلاف- 19 عضواً ينتمون إلى حزب "يوجد مستقبل"، و6 إلى "هتنوعا"- أن يقولوا لنتنياهو إنه لا ائتلاف من دون محادثات. فهذا ما وعدوا به ناخبيهم، وكثيرين غيرهم لم يصوتوا لهم، لكنهم أيضاً يؤيدون التسوية بوساطة أميركية.

·      تشير جميع الاستطلاعات التي جرت في الأشهر الأخيرة، إلى وجود أغلبية لا بأس بها تؤيد الحل السياسي مع السلطة الفلسطينية مقابل تنازلات إقليمية تقدمها إسرائيل. لماذا لا نسمع صوت هذه الأغلبية؟ ولماذا لا توجد هيئة واحدة ضمن جميع الأطياف السياسية الإسرائيلية تدعو مئات الآلاف من الإسرائيليين للنزول إلى الشارع أو القيام بخطوات أخرى من أجل إجبار نتنياهو على منع بينت وأريئيل وليبرمان من قيادة الدولة؟

·      نحن اليوم في خضم أزمة هائلة إذا لم نجد لها حلاً فسوف تؤثر على جميع الذين يعيشون هنا.  فانتهاء المحادثات من دون الأمل بحصول الشعب الفلسطيني على دولة مستقلة سوف يعيد الهجمات والعنف إلى حياتنا. وزير الإسكان هو وزير المستوطنين وهو الوزير الأسوأ بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، ما زال يصدر المزيد من المناقصات من أجل بناء مساكن في المستوطنات، الأمر الذي سيزيد قوته السياسية، أما ما عدا كل ذلك فليذهب إلى الجحيم.

·      سوف تقدم الدولة مئات ملايين الشيكلات من أجل تحسين حياة الذين سيشترون منازل بثمن زهيد في هذه المستوطنات، التي يوجد قسم منها داخل تجمعات سكانية فلسطينية. الأميركيون سيرحلون، وأوروبا سبق أن فعلت ذلك منذ زمن طويل، وسنبقى نحن مع حكومة يمينية متطرفة (على الرغم من وجود يائير لبيد وتسيبي ليفني فيها)، ولا نفهم كيف حدث هذا لنا مرة أخرى. لقد اعتقدنا أن الانتخابات الأخيرة أحدثت تغييراً، لكن فجأة انهار كل شيء. نحن أيضاً بحاجة إلى الأمل وليس الفلسطينيون فقط.

·      قبل تسعة أشهر اتخذ نتنياهو قراراً جباناً على عادته، بعدم تجميد البناء في المناطق لأن ذلك يغضب حزب "البيت اليهودي"، وبدلاً من ذلك قرر إطلاق أسرى حتى من الذين أيديهم ملطخة بالدماء. وتضمن الاتفاق أربع دفعات لإطلاق أسرى وحظي بأغلبية كبيرة في الحكومة. لكن إسرائيل كعادتها قررت أنها ليست مستعدة لإطلاق هؤلاء الأسرى في أعقاب توقيع الفلسطينيين 15 معاهدة للأمم المتحدة، ويدعي الفلسطينيون أنهم فعلوا ذلك رداً على رفض إسرائيل  إطلاق الأسرى.

والآن يعلن ليبرمان أنه لن يسمح بإطلاق أسير واحد، وهو يفضل المضي نحو انتخابات. لكن أين اليسار والوسط؟ وأين الأغلبية الكبيرة التي تؤمن بالحل السياسي ودولتين لشعبين؟ في الحقيقة ليست هناك هيئة تمثل هؤلاء وباستطاعتها تهديد نتنياهو وإخافته وعرقلة طريقه، وهنا تكمن المأساة.