هل يبدّل مرسي جلده؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

·       يشكل انتصار محمد مرسي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، في الانتخابات الرئاسية المصرية، انتصاراً للإسلام السياسي الذي لا يفصل بين الدين والدولة، والذي يسعى لفرض الشريعة الإسلامية في نواحي الحياة كافة. فقد فشلت الثورة المصرية في إظهار زعيم جديد كاريزمي، وفي المحصلة اقتصر الصراع في الانتخابات الرئاسية بين الحرس القديم وجماعة الإخوان المسلمين التي تمثل القوة السياسية الرئيسية في مصر منذ ثورة الضباط الأحرار في سنة 1952.

·       في العقود الستة الأخيرة، لم يكن هناك في مصر فسحة لنشاط الأحزاب الليبرالية أو الوسطية. وطوال تلك الفترة، منذ أيام جمال عبد الناصر مروراً بأنور السادات وصولاً إلى عهد حسني مبارك، كانت أرض النيل خاضعة لحكم دكتاتوري عسكري يتستّر خلف الحزب الوطني الحاكم الوحيد والخاضع لسيطرته. وكانت حركة الإخوان المسلمين، التي بدأ نشاطها السياسي في عهد الملك فاروق (الذي قتلت أجهزته السرية حسن البنا، مؤسس الحركة، بعد اتهامه بمحاولة قلب النظام)، هي الحركة الوحيدة التي تجرأت على تحدي حكم هؤلاء الرؤساء الثلاثة، لكن جميع محاولاتها للاستيلاء على السلطة باءت بالفشل.

·       إلاّ إن هذا لم يمنع جماعة الإخوان من التغلغل في عمق الشعب المصري، ومن إقامة بنية تحتية خدماتية واجتماعية واقتصادية وسياسية. وفي مواجهة الدكتاتورية العسكرية والفساد وقمع الشرطة المصرية، وقد تأثر العديد من المصريين بدعوة نشطاء الجماعة الذين جلبوا معهم بشارة الإسلام، والذين وعدوهم بأن الإسلام يشكل الحل لجميع مشكلاتهم، فلم يكن للإخوان المسلمين منافس، من الناحيتين الدينية والسياسية، في الساحة المصرية الداخلية.

·       منذ تأسيس هذه الجماعة في سنة 1928، كان هدفها الوحيد هو السيطرة على مصر وتحويلها إلى دولة إسلامية تحكمها الشريعة، أمّا الديمقراطية وقيم حرية التعبير وإعطاء الحقوق المتساوية للأقليات وللنساء، فكانت العدو الذي يجب محاربته. وكانت عقيدة هذه الجماعة دينية متشددة ومعادية للسامية حتى قبل نشوء دولة إسرائيل، وما لبثت أن تحولت إلى نضال لا هوادة فيه ضد هذه الأخيرة. وقد تأسست جميع الحركات الإسلامية المتطرفة، كالجهاد، والجماعة الإسلامية، والقاعدة، وغيرها، بناء على عقيدة الإخوان المسلمين المتشددة. ولهذه الجماعة اليد الطولى في التشدد الديني وسط الشارع المصري، وفي العدائية تجاه إسرائيل.

·        أمّا الآن فيزعم كثيرون، ولا سيما في وسائل الإعلام الغربية، أنه ينبغي نسيان الماضي وتصديق أن جماعة الإخوان المسلمين ليست إلاً حزباً علمانياً سيعمل منذ الآن وصاعداً بالطرق الديمقراطية لتطوير مصر، وذلك على الرغم من أن محمد مرسي نفسه لم يتردد خلال الحملة الانتخابية في تطمين مؤيديه بأنه سوف يطبق الشريعة الإسلامية ويحرر القدس، كما حرص على أن يخبر الصحافيين الأجانب بأنه سوف يحترم المعاهدات الدولية لمصر ويقيم دولة مدنية – وهو مصطلح غامض غير محدد.

·       هل تبخر إيمان مرسي بالإسلام فجأة لدى انتخابه رئيساً لمصر؟ وهل إن محمد بديع، المرشد العام للإخوان المسلمين، ورفاق دربه في مكتب الإرشاد، تحولوا إلى ديمقراطيين بعد فوزهم في الانتخابات؟ وهل إن أعضاء الجماعة البالغ عددهم نصف مليون بدأوا يحترمون نساءهم؟....  يبدو أنهم في العواصم الغربية لا يطرحون هذه الأسئلة، كما أنهم، في البيت الأبيض، مستعدون للسير قدماً إلى جانب الإخوان المسلمين.

·       أدى [الرئيس المصري المنتخب] محمد مرسي اليمين الدستورية أمام هيئة المحكمة الدستورية. ونقل المجلس العسكري الأعلى فوراً كامل صلاحياته إلى الرئيس الجديد، بما فيها السلطتان التنفيذية والتشريعية بسبب حل البرلمان. وبهذه الطريقة أصبح مرسي منذ الآن حاكم مصر الأعلى المنتخب ديمقراطياً من الشعب المصري. صحيح أن المجلس العسكري الأعلى أصدر قبل بضعة أيام إعلاناً دستورياً مكملاً يحدّ من صلاحيات الرئيس في كل ما يتعلق بشؤون الدفاع والجيش، مثل حق إعلان الحرب، وتحديد ميزانية الجيش، وتعيين قائد القوات المسلحة، إلاّ إن هذا الإعلان ظهر كمحاولة مثيرة للشفقة للجنرالات من أجل الاحتفاظ ببعض الصلاحيات قبل عودتهم إلى ثكناتهم.

·       ما الذي يمنع الرئيس الجديد من تغيير مسار الأمور؟ إذ تسمح له صلاحياته، بما فيها التنفيذية والتشريعية، بإبطال حلّ البرلمان، وبالإشراف على صياغة الدستور والحرص على أن يضمّنه بنوداً تلائم تطبيق الشريعة. ويبدو أنه خلال بضعة أسابيع، سوف يسيطر الإخوان المسلمون على جميع مراكز القوة في مصر: الرئاسة، والبرلمان، والدستور. فما الذي يمنعهم والحال هذه من دفع جنرالات المجلس الأعلى إلى التقاعد؟ هل سيعترض الجيش ويحاول قلب النظام؟ هذا أمر مستبعد. وما الذي يمنع الإخوان من البدء بتطبيق برامجهم لإقامة دولة إسلامية في مصر، والسعي لإقامة دول إسلامية مماثلة في منطقة الشرق الأوسط؟ يزعم المحللون الغربيون الذين أصبحوا داعمين للإخوان أن المانع هو البراغماتية والحاجة إلى معالجة الأزمة الاقتصادية الخطرة التي تعاني منها مصر.

·       ربما من الدلائل الأولى على هذه البراغماتية تعهد مرسي بإعادة محاكمة مبارك تحقيقاً للعدالة، والمطالبة بالإفراج عن الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن المتهم بالتحريض على تفجير مبنى التجارة العالمي [في نيويورك] في شباط/فبراير 1993، والذي يقضي عقوبته في سجن في الولايات المتحدة الأميركية.