ثمن الحظر النفطي
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

·       دخل، أمس، حيز التنفيذ الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد النفط الإيراني، والذي يمنع استيراد النفط من إيران، ويضاف هذا الحظ إلى العقوبات الأميركية المالية المفروضة على المصرف المركزي الإيراني.

·       ويُعد هذا الحظر خطوة لا سابق لها من حيث نطاقها، وذلك منذ فرض الحظر النفطي على اليابان في الأربعينيات من القرن الماضي، ومن المنتظر أن يؤدي إلى مفاقمة الأزمة الاقتصادية الحالية في إيران، كما قد يشكل امتحاناً لصمود النظام هناك واستقراره.

·       وقد أدى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في إيران إلى حركة احتجاج عفوية ومحدودة انطلقت من مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، واستمرت بضعة أيام. ولم تكن حركة الاحتجاج هذه مرتبطة بنشاط المعارضة المعروفة، إذ كان يمكن أن تشكل رافعة لهذه المعارضة لو أنها اكتسبت زخماً.

·       وتأتي هذه التطورات على خلفية خفض الدعم الحكومي للسلع الغذائية، من الخبز إلى الوقود، الذي يكلّف الخزينة الإيرانية نحو ربع الناتج القومي الإجمالي. وقد تسبب تقليص الدعم إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، والغاز، والكهرباء، والمياه، والنقل العام. ومن المثير للاهتمام أن غضب السكان كان موجهاً ضد النظام لا ضد الغرب، إذ يدرك الجمهور الإيراني أن تردي الوضع الاقتصادي الإيراني مرتبط بالفساد المستشري وبالإدارة الفاشلة للاقتصاد.

·       وتشهد أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً متواصلاً شبه يومي، فقد تجاوز معدل التضخم الرسمي لهذه السنة نسبة 20٪، أمّا المعدل غير الرسمي فيقدر بنحو 50٪، وسُجل ارتفاع يتراوح بين 20 و30٪ في أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها الخبز، نتيجة خفض الدعم الحكومي. كذلك يوجد نقص في المواد الخام الضرورية للإنتاج، وعلى رأسها القمح، كما أُغلقت مصانع وسُرّح عمال كثيرون. وفي موازاة ذلك، توجهت الانتقادات إلى النظام لعجزه عن الوفاء بوعوده للمواطنين بزيادة المعونات الاجتماعية في مواجهة ارتفاع الأسعار.

·       تبذل إيران مجهوداً كبيراً للتصدي للعقوبات، الأمر الذي يشهد على مقدار تعرضها للضرر، لكن ذلك لم يجعلها تتراجع عن إصرارها على مواصلة برنامجها النووي.

·       فقد فاجأ حجم العقوبات النظام الإيراني الذي فقد جزءاً ملفتاً من مداخيل الصادرات النفطية في العام الأخير، إذ انخفض التصدير من 2,5 مليون برميل نفط في اليوم إلى 1,5 مليون برميل فقط. ويشمل الحظر الذي فرضته 27 دولة في الاتحاد الأوروبي شراء النفط الإيراني ونقله، كما أنه يحظر على شركات التأمين الأوروبية تمويل ناقلات النفط الإيرانية وتأمينها.

·       أقنعت قسوة العقوبات القادة الإيرانيين بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات، إلاّ إن المناقشات لم تفلح حتى الآن في تليين موقف إيران بشأن برنامجها النووي، لا بل ثمة مَن يزعم أنها أفضت إلى مزيد من التعنت. كما أن صعوبة إقناع الصين والهند بالمشاركة في فرض العقوبات، بالإضافة إلى الإعفاءات الموقتة الممنوحة لدول أساسية كالصين واليابان والهند من التقيد بالحظر، من شأنها أن تجعل زيادة الضغط على إيران أمراً أكثر صعوبة.

·       في المقابل، طالب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الجمهور الإيراني بالتحلي بـ "الصبر" للتغلب على المشكلات الناجمة عن العقوبات المفروضة على الدولة. وهذا مؤشر على أن إيران لا تتجه نحو التسوية مع الغرب، وعلى أنها تستعد لمواجهة تشديد العقوبات ضدها. وفي كافة الأحوال، يبدو أن الشعور السائد في إسرائيل بأنه لم يعد هناك خيارات في مواجهة إيران، وبأن العقوبات استنفدت فعاليتها، هو شعورسابق لأوانه. إذ تقترب إيران من مفترق طرق سيكون عليها أن تختار فيه بين الخبز وبين السلاح النووي.

·       إن مراكمة الأضرار بسبب المشروع النووي الإيراني من شأنه ليس فقط دفع إيران إلى تغيير سياستها، بل أيضاً تهديد استقرار النظام، وذلك جراء ارتهان إيران لمداخيلها من الصادرات النفطية التي تمثل 80٪ من إيرادات الدولة.

·       ليس معروفاً متى ستتكون "كتلة حرجة" تضغط على النظام لإظهار بعض المرونة في الشأن النووي، إلاّ إن هذا النظام يشهد اليوم نمو مشكلة كبيرة نابعة من الداخل. وفي حال تفاقمت معاناة الجمهور الإيراني، فهل يتحول "الربيع العربي" إلى "صيف إيراني"؟