برغم تهديدات نتنياهو فإن احتمال الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية يتضاءل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • ليس من قبيل المصادفة عودة الحديث عن الخطر الإيراني إلى العناوين الأولى للصحف، فهذا الوقت هو الوقت الملائم خلال السنة. ولدى العودة إلى الأرشيف يظهر أنه خلال الأعوام الثلاثة الماضية كانت التحذيرات الإسرائيلية من مغبة تقدم المشروع النووي الإيراني والتلميحات بشأن هجوم عسكري ضدها تزداد دائماً بين تموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر.
  • ويتكرر هذا الإجراء في كل صيف ويستمر حتى نهاية الخريف، وسببه الأساسي التردد الإسرائيلي الحقيقي بشأن شن هجوم جوي على إيران. أما سبب التوقيت فيعود إلى أمرين: النقاشات الدورية في الإدارة الأميركية وفي مجلس الأمن بشأن فرض المزيد من العقوبات على إيران، وحالة الطقس في المنشآت النووية الإيرانية التي استناداً إلى خبراء أجانب تكون أكثر ملاءمة للقيام بهجوم قبل مجيء فصل الشتاء.
  • لكن التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن إسرائيل لا تستطيع الانتظار حتى فوات الأوان جاءت هذه المرة في ظل ظروف مختلفة قليلاً. لا يمكننا أن نتجاهل أن نتنياهو يفضل الاهتمام بالقضايا الأمنية على مواجهة الواقع الاقتصادي الضاغط. لكن هذا  لا يشكل السبب الوحيد للتحذيرات. إذ لا يزال نتنياهو يعتبر أن إيران هي الخطر الأول على إسرائيل، وخطرها يوازي في أهميته المخاطر الأخرى مجتمعة. وهو مقتنع بأن موقفه الصلب خلال الأعوام الأخيرة هو الذي دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات واسعة على إيران. وحتى الآن لم يتخل نتنياهو عن احتمال القيام بهجوم إسرائيلي، ويؤمن بأن عليه إبقاء إيران في ظل تهديد عسكري جدي، كي يستطيع المجتمع الدولي فرض تسوية على النظام الإيراني تكون مقبولة من جانب إسرائيل.
  • لقد انتظر رئيس الحكومة شهراً بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وعندما تبين له أن أطرافاً عديدة في الغرب ترى في انتخاب المرشح المعتدل نسبياً حسن روحاني حجة تسمح لها  بألا تقلق بعد اليوم من الخطر النووي، عاد نتنياهو إلى تحذيراته. لكن ثمة عقبات أكبر من الماضي تعترض طريق نتنياهو نحو الهجوم العسكري. ففي البداية من الصعب إقناع الآخرين بجدية التهديدات بالهجوم بعد مرور ثلاثة أعوام من دون تنفيذها. ثانياً؛  إن التحفظ من الهجوم على إيران لا يأتي فقط من جانب أميركا والعالم، بل من داخل إسرائيل نفسها حيث توجد معارضة كبيرة للهجوم على إيران في التوقيت الحالي، سواء على المستوى السياسي أم العسكري. لذا تبدو حظوظ تنفيذ التهديدات بالهجوم على إيران خلال هذه السنة ضعيفة. ومن المحتمل أن تطرح هذه الامكانية مرة أخرى على جدول الأعمال في ربيع 2014، بعد استنفاد المحادثات بين الدول الكبرى وإيران.
  • إن عودة الاهتمام بإيران من شأنه تحويل الانتباه عن تصاعد التوتر بين إسرائيل وسورية. فقد وبخت وسائل الاعلام الإسرائيلية هذا الأسبوع الإدارة الأميركية على التسريبات التي نسبت الهجوم الأخير الذي وقع في سورية إلى إسرائيل، والذي جرى خلاله تدمير مخازن صواريخ ياخونت بالقرب من اللاذقية في 5 تموز/يوليو الحالي. وثمة من ذهب بعيداً في شكوكه معتبراً أن التسريبات الأميركية محاولة مقصودة لإثارة النزاع بين إسرائيل وسورية. لكن هؤلاء يتجاهلون حقيقة أساسية هي أنه إذا كانت إسرائيل فعلاً هي وراء الهجوم على اللاذقية كما يدعي الإعلام العالمي، فإسرائيل هي التي تزيد من خطر نشوب الحرب وليس الولايات المتحدة. والتبرير الإسرائيلي معروف وهو أن الرئيس السوري بشار الأسد يحاول نقل منظومات السلاح المتقدم إلى حزب الله، مقابل المساعدة التي قدمها له الحزب اللبناني من خلال المشاركة في القتال ضد الثوار في بلاده، و أن هذا السلاح يعتبر "كاسراً للتوازن" بالنسبة للجيش الإسرائيلي وهو بمثابة تجاوز "للخط الأحمر".
  • ويبدو أن العملية الإسرائيلية الأخيرة استندت إلى افتراضين: الأول عدم وجود مصلحة للأسد بالدخول في مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي؛ الثاني هو أنه طالما لا يزال الطرفان يكذبان علناً الهجوم، ستتلاشى الإهانة التي تعرض لها الأسد الذي سيواصل ضبط النفس.
  • لكن إسرائيل تلعب بالنار. فقد يصل الأسد إلى نقطة اللارجوع ويقرر الرد على الهجوم والانتقام لانتهاك سيادة بلاده، حتى لو دفع ثمن ذلك غالياً.
  • إن الحجة التي تدعم مهاجمة صواريخ ياخونت هي أن هذا الصاروخ قادر على أن يصيب بدقة منصات استخراج الغاز في البحر المتوسط، ولذا يجب منع وصوله إلى يد حزب الله. لكن ماذا لو قرر الأسد اليوم إطلاق أحد هذه الصواريخ على منصات الغاز  انتقاماً؟ وماذا لو أطلق الأسد صاروخ أرض- أرض على قاعدة لسلاح الجو في الشمال؟ كيف سترد إسرائيل؟ وهل ستخوض الحرب الأولى للدفاع عن الغاز؟