على إسرائيل ألا تتدخل بما يجري في الشرق الأوسط
تاريخ المقال
المصدر
- يشبه الشرق الأوسط من حولنا جحر أفاعي يجب على إسرائيل أن تبذل أقصى جهدها كي لا تقع فيه. ففي سيناء تدور حرب دامية بين الجيش المصري والأصوليين الذين تدعمهم "حماس" – وهي حرب كان يمكن أن تنتقل بسهولة إلى أرضنا لولا الجدار الذي أقمناه بفضل إلحاح رئيس الوزراء ورغم معارضة رئيس هيئة الأركان. وبالمناسبة فإن هذا الجدار قلص أيضاً التسلل من إفريقيا بصورة كبيرة). أما في الشمال فقد أصبح الوضع أشد خطراً، لا سيما مع امتداد الحرب الأهلية السورية إلى داخل لبنان. ولم يعد الصراع في سورية يقتصر على القتال بين القوات الحكومية وبين الثوار، بل أصبح يشمل أيضاً مواجهات عسكرية عنيفة بين الثوار أنفسهم.
- لكن من الخطأ أن ننظر إلى النار المشتعلة من حولنا على أنها سلسلة من انفجارات عنف محلي فقط، وذلك لأن ما يجري ستكون له انعكاساته البعيدة المدى سواء على صعيد الصراع الداخلي الدائر بين السّنة والشيعة، أو على صعيد وضع الأطراف الدولية التي تتدخل في سورية (إيران وتركيا وروسيا ودول الخليج) وكذلك على صعيد الولايات المتحدة أيضاً التي لا يبدو دورها واضحاً في هذه المرحلة. وبالطبع هناك انعكاسات ما يجري على وضع اسرائيل، وتقتضي مصلحتنا المباشرة ألا تتسبب الأحداث الخطيرة التي تدور في جوارنا بتهديد مستقبل أمننا.
- في الحرب في سورية لا يشارك الصقور أنفسهم فقط، بل أيضاً الدول التي تتحكم بهم، أي إيران وحزب الله، وروسيا والدول العربية السّنية (التي لا تنتمي إلى معسكر واحد)، وتركيا وأميركا التي كما قلنا عنها سابقاً أنها شبه غائبة. وقد لا تكون الخيارات المتاحة أمامنا تبعث على السرور. فالطرف الذي قد يسيطر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الحدود الشمالية هو إما إيران، أو جهات أخرى جهادية، وإما أن تسود هناك فوضى دائمة قد تلحق بنا بعض نتائجها.
- لكن في مقابل هذه السيناريوهات غير المفرحة هناك أخبار قد لا تكون سيئة. فإذا استطاعت الثورة في مصر أن تثبت أقدامها، فإن ذلك قد يؤخر سيطرة الإسلام السياسي على سائر أنحاء العالم العربي، وأن يضع حداً لهذا التوجه الذي شكل حتى الآن النتيجة الرئيسية للربيع العربي. ومن المحتمل أن يشكل سقوط حركة الإخوان المسلمين في مصر (وسنتأكد من حدوث ذلك خلال الأسابيع القريبة) بداية العد العكسي لتراجع قوة حركة "حماس"، الفرع الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين.
- أما فيما يتعلق بحزب الله، فالوضع أشد تعقيداً. فعلى الرغم من أن مشاركته الفاعلة في الحرب الأهلية السورية أضرت بصورته وأضرت به عملياً، لكن في حال انتصر الرئيس الأسد في نهاية الأمر فإن الحزب سينال أيضاً حصته من هذا الإنجاز السياسي. لكن في المقابل إذا هُزم الأسد فإن هذا سيترك آثاره على مكانة حزب الله. ومما لا شك فيه أن هذين السيناريوهين سينعكسان على الاستعدادات العسكرية لإسرائيل.
- من هنا يمكن القول إن الجدل بشأن الميزانية الأمنية لا يتعلق بالمال فقط بل هو في الأساس يتعلق بالوسائل والخطط التي يجب على إسرائيل أن تتبناها لمواجهة الواقع الجغرافي السياسي الجديد، أي التراجع المحدود للتهديد العسكري التقليدي المباشر، في مقابل ارتفاع خطر المنظمات الإرهابية مثل القاعدة (أو حتى حزب الله وحماس رغم تراجعهما الآن) التي قد تنشط ضد إسرائيل مما قد يؤدي إلى اندلاع النيران في المنطقة بأسرها. وهناك بالطبع قبل كل شيء الخطر النووي الإيراني.