من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· بمرور الوقت يبدو أن تشاك هيغل، السيناتور السابق عن ولاية نبراسكا، سيُعين وزيراً للدفاع في الولايات المتحدة، وكان الرئيس باراك أوباما أعلن رسمياً نيته تعيينه في هذا المنصب. ونظراً إلى أن مجلس الشيوخ قلما رفض إعطاء مباركته لتعيين سيناتور سابق، فإن من المنتظر أن يوافق المجلس على تعيين تشاك. ومن هنا أهمية أن نعرف انعكاسات هذا التعيين على إسرائيل.· قبل أي شيء، يجب أن نعترف بأن كل قرار يتخذه الرئيس أوباما قد لا يكون بالضرورة موجهاً ضد إسرائيل أو مؤيداً لها. فكثير من القرارات يُتخذ بالاستناد إلى حاجات الدفاع والأمن الأميركية، ويؤثر عرضاً في إسرائيل. ولذا، يتعين علينا النظر إلى هذه القرارات من هذه الزاوية، وألاّ نعتبرها نابعة بالضرورة من مسائل لها علاقة بإسرائيل.· وأود هنا أن أذكّر بالإجماع الواسع الذي تحظى به سياسة إدارة أوباما في كل ما يتعلق بإسرائيل: فعلى الرغم من جميع ما يقال اليوم عن علاقة الرئيس بإسرائيل، فإن ثمة إجماعاً واسعاً على أن العلاقات العسكرية والأمنية بين الدولتين ما زالت متينة كما كانت في الماضي، لا بل أصبحت أمتن ممّا كانت عليه، ذلك بأن الولايات المتحدة تقوم بتزويد إسرائيل بالسلاح المتطور، وتقدم لها مساعدة كبيرة استطاعت إسرائيل بواسطتها بناء منظومة القبة الحديدية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك التعاون الوثيق بين الضباط الإسرائيليين والأميركيين.· وليس هناك ما يدفعنا إلى الافتراض أن حجم هذه العلاقات سيتقلص في أثناء وجود تشاك هيغل في وزارة الدفاع. فمنذ وقت قصير قال هيغل إن إسرائيل تعيش في منطقة صعبة، وإنها تحتاج إلى الحصول على الوسائل التي تمكّنها من الدفاع عن نفسها. ومن المحتمل أن يكون هيغل قرر تعديل موقفه من إسرائيل الذي اتسم في الماضي بالبرودة والدعم غير الدائم.· عندما كان هيغل سيناتوراً في مجلس الشيوخ اعترف بحاجات إسرائيل الأمنية، وأيّد تقديم مساعدة أمنية لها. وإذا أخذنا في حسابنا العلاقات الوثيقة بين القوات العسكرية في الدولتين، ومواقف الرئيس أوباما تجاه حاجات إسرائيل الأمنية، ودور الكونغرس، وحقيقة أن هيغل نفسه يعترف بالتحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل، فإننا نصل إلى خلاصة فحواها أن تعيين هيغل لن يُحدث تغييراً مهماً في العلاقات بين الدولتين.· لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن بين المسائل التي يتخذ منها هيغل مواقف لا تتلاءم مع التوجه الأساسي، والتي من شأنها الإضرار بإسرائيل، المسألتين التاليتين: إيران، ودور اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في تحديد سياسة الحكومة في الولايات المتحدة. ونظراً إلى أن العلاقات الأمنية المتبادلة تدخل في صلب صلاحيات وزير الدفاع، فإن ثمة أهمية كبيرة لأن يتقيد هيغل بسياسة الولايات المتحدة كما كانت في الماضي.· أمّا فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه المشكلة الإيرانية ودور المؤيدين للموقف الإسرائيلي من الموضوع، فإن الذي سيحسم الأمر هو مواقف الرئيس أوباما الذي كرر علناً التزامه منع إيران من إنتاج القنبلة النووية، واستخدام الجيش الأميركي لهذه الغاية، إذا ما اقتضت الحاجة ذلك، وفي حال عدم وجود حل آخر. لكن على الرغم من نيّات الرئيس الأميركي، فإن تعيين هيغل في وزارة الدفاع وجون كيري في وزارة الخارجية من شأنه أن يعطي إيران انطباعاً خطأ بأن الولايات المتحدة استبعدت الخيار العسكري من جدول أعمالها، ولا سيما في ظل تصريحات هيغل المعارضة للهجوم على إيران.· فإذا فسرت إيران نيّات الولايات المتحدة بهذه الطريقة، فإن هذا سيؤدي إلى كارثة، إذ على الرغم من كون العقوبات الاقتصادية والوسائل الدبلوماسية هي هما الوسيلة الأفضل لحل المشكلة النووية الإيرانية، فإن نجاحها منوط باقتناع إيران بأنها إذا لم تغير سياستها فإنها ستكون عرضة لخطر هجوم أميركي حقيقي.· بناء على ذلك، وفي انتظار بدء الجولة الجديدة من المفاوضات مع إيران، فإن من المهم للغاية أن يكرر الرئيس الأميركي تعهداته بالتزام الخيار العسكري. وفي حال كرر هيغل مواقفه السابقة من الموضوع الإيراني، فسيكون على أوباما أن يوضح أن معارضة هيغل للعملية العسكرية ضد إيران لا تعبّر عن موقف الولايات المتحدة الذي يحدده الرئيس نفسه. وحدوث مثل هذا السيناريو ليس بالأمر المريح ولا المرغوب فيه.· أمّا فيما يتعلق بموقف وزير الدفاع المقبل من اللوبي اليهودي (الذي اتهمه هيغل سابقاً بممارسة الضغوط التخويفية على واشنطن)، فإنني أنتظر من هيغل أن يوضح موقفه في أثناء جلسة الاستماع إليه في مجلس الشيوخ، وربما أن يعتذر عنه. ومن المعروف أن هيغل لم يكن يوماً راضياً عن الضغط الذي يمارسه مؤيدو إسرائيل، لكن عليه اليوم أن يبعث برسالة طمأنة إلى الجالية اليهودية، وأن يوضح لها أن مواقفه كان مبالغاً فيها، وأنها لن تؤثر في دعمه العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تُعتبر مصلحة أساسية للولايات المتحدة. · طبعاً، لو عاد الأمر إلينا لما اخترنا هيغل، لكن من حق الرئيس أن يختار وزير الدفاع الذي يريده، ولن يكون اختيار هيغل سيئاً بالضرورة، فالتعاون الأمني سيظل مستمراً أيضاً عندما سيكون هيغل في البنتاغون. أمّا فيما يتعلق بالأمور الأُخرى، وخصوصاً ما يتعلق بإيران، فإننا ننتظر من الرئيس أوباما أن يوضح مرة أُخرى مواقفه المعلنة، وأن تكون هي التي تحدد سياسة الحكومة الأميركية.