من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· واحد من أهم الأحداث التي شهدتها العقود الأخيرة مر من دون أن يثير أي اهتمام داخل إسرائيل. فقد اتفقت الدول العظمى مع إيران على تفاصيل تطبيق الاتفاق الموقت الموقع في جنيف الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال خمسة أيام. وقد ظهر الخبر وكأنه صفقة مفروغ من أمرها، فظلت جوقة الندب خرساء، ولم تبرز كلمة انتقاد واحدة أو توبيخ أو اعتراض، وكأن الأمر ليس مهماً ولا يستحق التعليق وكأنه في كل يوم توقع الاتفاقات مع إيران.· لكن على الرغم من ذلك، من المفيد أن نبحث ماذا يعني هذا الاتفاق. أولاً؛ اتضح أن القرار الإيراني بتخصيب اليورانيوم ليس مفروضاً من الله، وأن الامتناع عن إجراء المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة ليس منصوصاً عليه في الفقه الشيعي.· فمن وجهة النظر الإيرانية، الموضوع النووي والصناعة النووية وسائل عملية لإدارة السياسات، وليسا بالضرورة هدفاً مستقلاً ولا جزءاً من الأيديولوجيا. كذلك، توصلت الدول العظمى إلى استنتاج أن العقوبات ليست هدفاً بل وسيلة، وأحسنت صنعاً باختيار أهداف محدودة وممكنة التحقيق لها مثل: عدم إطاحة النظام؛ عدم فرض الديمقراطية؛ عدم فرض وقف المساعدة الإيرانية للنظام السوري؛ وحتى عدم تحسين حقوق الإنسان؛ الموضوع النووي فقط.· بهذه الطريقة استجابت الدول العظمى لطلب إيران "معاملتها باحترام"، أي عدم التدخل في شؤونها الداخلية أو في سياستها الخارجية. كما نجحت إيران في أن تجعل موقعها التفاوضي موازياً لموقع الدول العظمى. ومثلما تستطيع الدول العظمى إلغاء تخفيف العقوبات، تستطيع إيران خلال يوم واحد العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20% وأكثر، وتشغيل جميع أجهزة الطرد المركزي، ومواصلة بناء مفاعل أراك.· ويعني هذا أن الاتفاق الموقت خلق توزان ردع، وخفف من الحماسة لشن هجوم غربي على إيران، وكبح الهجوم الإسرائيلي (والرد الإيراني عليه)، وأوجد معايير لبناء الثقة المتبادلة سيجري استخدامها في الاتفاق النهائي. ولا يقل أهمية عن ذلك النظرة الجديدة إلى هذا الاتفاق، حيث يجب استبدال السؤال المعتاد: "من الرابح ومن الخاسر"، بسؤال آخر: "ماذا ربح الطرفان".· لقد تبنت الدول العظمى وإيران مبدأ أساسياً واحداً لا يمكن من دونه التوصل إلى اتفاق وهو: الاعتراف بوجود شريك لدى الطرف الثاني، وأن كل ما تبقى يمكن التفاوض عليه. في سنة 2003، كان تقدير الرئيس الأميركي جورج بوش أن الرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي، ضعيف ولا يستطيع تطبيق اتفاق. وكانت النتيجة خسارة سنوات ثمينة كان يمكن خلالها كبح البرنامج النووي الإيراني. ومن بعده جاء محمود أحمدي نجاد الذي اعتبر الولايات المتحدة نقيض الشريك. وعندما وافق في النهاية على التفاوض معها، رفض المرشد الأعلى علي خامنئي إعطاءه هذا الانجاز السياسي. وعملياً، بدأ الحوار بين إيران والولايات المتحدة في آذار/مارس الماضي، أي قبل ثلاثة أشهر من انتخاب روحاني رئيساً للجمهورية، بعد أن انتظر خامنئي رحيل أحمدي نجاد.· بالطبع تشكل إيران نموذجاَ، فعلى بعد نحو 1600 كيلومتر من طهران لا تزال المفاوضات [الإسرئيلية – الفلسطينية] تراوح مكانها بين طرفين غير شريكين، أو بالأحرى بين شريك فلسطيني ومن يحاول تقويض شراكته. وعلى عكس الموضوع النووي الإيراني وعقلانية الزعامة الإيرانية، فإن الزعامة الإسرائيلية لا تزال تضفي القداسة على كل شبر من الأرض، وتعتبر أي تنازل بمثابة خيانة وطنية.لقد أخرجت إيران الله من الموضوع النووي، وقررت اختيار الحياة. وأصبح في نظرها كل شريك ملائم شرط تقيده بالاتفاقات. وفي المقابل، فإن إسرائيل واثقة ليس فقط من أن الفلسطينيين ليسوا شركاء بل وأن الولايات المتحدة أيضاً ليست شريكة، وبصورة عامة ممنوع أن يكون هناك شريك.