نتنياهو أنفق 11 مليار شيكل على الإعداد لهجوم لم يحدث على إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       قبل عام استهل يائير لبيد [زعيم حزب يوجد مستقبل] حملته الانتخابية تحت شعار "أين ذهب المال؟" وقبل يومين أجاب رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت عن هذا السؤال: المال ذهب من أجل التحضير للهجوم الذي لم يحدث على إيران، إذ إن أكثر من 11 مليار شيكل أُنفقت على التخطيط والتسليح والتدريبات على عملية لم تحدث. وفي نظر أولمرت فإن مبلغ الـ 11 مليار أُنفق سدى على "أوهام خطرة لم ولن تتحقق" لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك. لكن في نظر نتنياهو ومؤيديه فإن هذا الإنفاق الضخم أدى غرضه، فالعالم الذي تخوّف من عملية إسرائيلية شدد عقوباته على إيران، وبدأت الولايات المتحدة مناقشة إمكان تنفيذ عملية عسكرية أميركية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية. وبالتالي فإن هذا كله لم يكن سيحدث من دون الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية التي أظهرت للمجتمع الدولي أن إسرائيل تنوي جدياً القيام بعمل عسكري ضد إيران، وهي لا تطلق التهديدات جزافاً.·       وعلى الرغم من أن المال الذي أُنفق على التحضيرات ضد إيران ذهب من غير رجعة، فإن أولمرت طرح على النقاش مسألة يجب أن تشكل محور المعركة الانتخابية، والنقاش العام الذي يجب أن يبدأ بعدها، وهي: هل الاقتصاد الإسرائيلي قادر ويستطيع أن يتحمل الارتفاع في الإنفاق الأمني الذي تضخم ليبلغ ذروة لم نعرفها من قبل؟ وهل "العجز" البالغ نحو 15-20 مليار شيكل في ميزانية الدولة يمكن سدّه من دون تقليص البند الأمني في هذه الميزانية؟·       يقول نتنياهو أنه لن يمس ميزانية الأمن "بسبب التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل". وخلال الولاية الحالية أغدق نتنياهو المال على وزارة الدفاع التي وصلت ميزانيتها خلال العام الفائت إلى 60 مليار شيكل. أمّا معارضة وزارة المال فجرى القضاء عليها أو الالتفاف حولها. وعلى الرغم من إقرار ميزانية أصغر في بداية هذه السنة، فإن وزارة الدفاع حصلت على زيادات بالمليارات.·       عانى نتنياهو خلال ولايته الأولى في رئاسة الحكومة [1996-1999] جرّاء علاقاته غير المتينة مع قيادة الجيش التي كانت تدين بالولاء لرئيس الحكومة السابق يتسحاق رابين، وكانت تعتبر رئيس الحكومة الشاب عديم الخبرة ومغامراً. لكن لدى عودة نتنياهو إلى السلطة [في سنة 2009]، فإنه حرص على المحافظة على علاقاته الجيدة بالجيش الإسرائيلي، حتى لو بثمن زيادة العجز في الميزانية. وهذا ما نجح فيه بصورة جزئية، فقد امتنع الجيش من الدخول في احتكاكات علنية مع رئيس الحكومة، ومن تسريب المعلومات ضده، أو من التعبير عن تأييده العلني لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. لكن قادة الجيش والمسؤولين في الأجهزة الاستخباراتية رفضوا دعم الهجوم على إيران، وعملوا فعلياً على إفشال المبادرة التي حاكها نتنياهو، بيد أن هذا الأمر لم يحمل نتنياهو على إعادة التفكير في الحكمة وراء زيادة ميزانية الأمن.·       إن التقليص المطلوب في ميزانية الدولة بعد الانتخابات يشكل فرصة جيدة من أجل تحديد سلّم أولويات الإنفاق الأمني بدلاً من مواصلة صرف الأموال من دون قيود. لكن على الرغم من ذلك، فإن السياسيين يرفضون إدراج الموضوع في جدول الأعمال، إذ يقول المدير العام السابق لوزارة المال، يروم أرياف، "إن قائمة ليكود - بيتنا لا تستطيع التخلي عن سلاح إخافة [الجمهور من أخطار جسيمة تدعي أنها تهدد إسرائيل] كي ترص صفوف ناخبيها وتدفعهم للتصويت لها في الانتخابات. وحتى أن شيلي يحيموفيتش، زعيمة حزب العمل، نجدها تبتعد عن كل موقف يمكن أن يبدو يسارياً، بما في ذلك كل ما يتصل بميزانية الأمن."·       أمّا يائير لبيد الذي بات الآن يعلم إلى أين ذهب المال، فلا يجرؤ على المس بوزارة الدفاع، ويكتفي باقتراح إغلاق وزارة التهديدات الاستراتيجية ووزارات حكومية لا فائدة منها أقيمت من أجل إيجاد مناصب لسياسيين عاطلين عن العمل. والوحيد بين زعماء الأحزاب الذي يدعو إلى تقليص الإنفاق الأمني هو نفتالي بينت الذي طالب بتقليص 3 مليارات شيكل سنوياً. ·       في الماضي كان يجرى تقليص ميزانية الدفاع عندما كانت إسرائيل تواجه أزمات اقتصادية حادة، وهذا ما حدث في الخمسينيات وفي أواسط الثمانينيات. إن وضع إسرائيل الاقتصادي اليوم أفضل كثيراً ممّا كان عليه آنذاك، على الرغم من العجز في الميزانية، ولذا، من الصعب أن يطالب الجيش الإسرائيلي بتقليص حاد لإنفاقه بعد الانتخابات.