رد إسرائيلي محدود على تصاعد وتيرة الأحداث من القاهرة وحتى دمشق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تحت غطاء الاهتمام العالمي بالأزمة المصرية، يتجدد الهجوم ضد حكم بشار الأسد في سورية والمؤيدين له في لبنان. وفي الأمس وفيما كانت القاهرة تتخوف من وقوع مواجهة جديدة بين الجيش المصري والإخوان المسلمين، وقع انفجار في وسط دمشق، وانفجرت سيارة ملغومة في قلب المربع الشيعي في بيروت. وذكّرت هذه السلسلة من الأحداث بأن سورية لا تزال تنزف، وبأن الدول المجاورة بدأت تشعر بنتائج الحرب الأهلية المخيفة الدائرة هناك على الرغم من تركيز الإعلام الدولي في هذه الفترة على ما يجري في مصر.
  • وعلى ما يبدو ليس لإسرائيل أي علاقة فعلية بالأحداث التي شهدتها الجبهة الشمالية بالأمس. وفي وقت لا تزال طبيعة التفجيرات التي وقعت في دمشق غير واضحة، فإن أسلوب التفجير الذي وقع في لبنان ويهدف إلى خلق الذعر، لا يشبه أسلوب العمليات الإسرائيلية. لكن تفجير الضاحية يظهر تطوراً مهماً هو بمثابة تحدّ واضح لحزب الله، وتتمة مباشرة لعملية اطلاق صاروخين على الضاحية قبل أكثر من شهر، إلى جانب حوادث أخرى لإطلاق صواريخ على قرى شيعية في سهل البقاع اللبناني.
  • من المنطقي افتراض أن الذي يقف وراء هذه السلسلة من الهجمات على حزب الله تنظيمات سّنية في لبنان نفسه، أو أنها تعود إلى أطراف تحظى بمساعدة المعارضة السنية للأسد. ولم يكن من قبيل المصادفة ما قاله رئيس الأركان بيني غانتس الأسبوع الماضي من أن الحرب الأهلية السورية بدأت "تشعل النار في أطراف جبّة حسن نصر الله" الأمين العام لحزب الله، فكلما ازداد غرق التنظيم الشيعي في الصراع الداخلي في سورية، عرّض نفسه لهجمات من جانب خصومه في لبنان.
  • يكشف تسلسل الحوادث الأخيرة في سورية إلى جانب التوتر الكبير في مصر، الصعوبات التي تواجهها القيادة الإسرائيلية. فعلى الرغم من تصاعد وتيرة الحوادث واتخاذ التطورات هناك توجهاً غير متوقع، فإن الرد الإسرائيلي عليها بقي محدوداً، إذ تحرص إسرائيل كما نبّه وزير الدفاع موشيه يعلون، على أن تبقى لاعباً هامشياً قدر الممكن في الدراما العربية. بيد أن المعضلة التي تواجهها إسرائيل هي ما بين التدخل المحدود من أجل إحباط خطر محدد والتخوف من الانجراف إلى قلب الأحداث.
  • على الحدود المصرية، يتركز المسعى الإسرائيلي على الكبح ومنع التنظيمات الإسلامية الموجودة في سيناء من القيام بهجمات كناتج فرعي للصراع الذي تخوضه ضد قوات الأمن المصرية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك محاولة إسرائيل الحفاظ على العلاقة الأمنية الفعالة مع القاهرة برغم الاضطرابات العنيفة التي تشهدها مصر. وفي الحقيقة، فإن كل ما تستطيعه إسرائيل في الوقت الحالي هو ممارسة الضغط الدبلوماسي سواء مباشرة أو من خلال الولايات المتحدة، من أجل إعادة فرض النظام في سيناء. لكن إسرائيل تعلم جيداً أن شبه جزيرة سيناء لا تحظى اليوم بأولوية في اهتمامات السلطة الانتقالية في مصر التي تحاول احتواء غضب الإخوان المسلمين بعد أن طردوا بالقوة من الحكم. وعملياً ففي استطاعة الجيش الإسرائيلي معالجة الارهاب في سيناء وإعادة النظام إلى هناك في حال اقتراب المجموعات المسلحة من السياج الحدودي.
  • لكن إسرائيل لا تقول ذلك بصوت عال، وهي مستعدة لأن تضبط نفسها وتتحمل الكثير من المخاطر حفاظاً على ما تعتبره رصيداً أمنياً كبيراً هو اتفاق السلام مع مصر. ولهذه الاعتبارات تسمح إسرائيل لمصر بخرق الملحق الأمني للاتفاق، وتسمح لها بإدخال المزيد من القوات المسلحة المدعومة بالدبابات والطوافات لفترات قصيرة، بحجة الحاجة إليها لمواجهة الخلايا الإسلامية في القبائل البدوية بصورة أفضل.
  • لكن في نظر العديد من الإسرائيليين هناك ثمة ثغرة بين الهدوء الأمني الاستثنائي الذي يسود حالياً، وتزايد احتمال تسخين الحدود في الجولان وسيناء وإلى حد ما مع لبنان.
  • إن السبب في استمرار الهدوء اليوم هو توجه اهتمام القوات المسلحة في سورية ومصر نحو الصراعات الداخلية. لكن ثمة احتمال كبير بأن ينعكس العنف الداخلي مع مرور الزمن توتراً مع إسرائيل أيضاً.
  • إن تجمع المزيد من العناصر الارهابية المسلحة المتعاطفة مع أفكار أسامة بن لادن سوف يؤدي حتماً إلى تحول جزء من هجمات هذه العناصر في اتجاه إسرائيل. وهذا ما يحدث بصورة منخفضة على الحدود مع سيناء، ومن المحتمل أن يحدث ايضاً في هضبة الجولان. لكن هذا الخطر يبقى أقل إثارة للقلق من خطر نشوب مواجهة تقليدية مع الجيش السوري.