على إسرائيل ألا تتدخل بما يجري في مصر
تاريخ المقال
المصدر
- مثلما حدث قبل عامين، لا يمكننا التوقف عن مشاهدة الصورة في ميدان التحرير ورؤية قوة الاحتجاج وعظمته والفوضى المنظمة والإصرار، كما لو أنه لم تحدث قبل سنة فقط ثورة وانتخابات أدّتا إلى انتخاب رئيس جديد.
- لكن على ما يبدو تبددت الأوهام، ففي حين كانت ثورة 2011 ثورة الأمل، يحرك اليوم الجماهير اليأس، فقد أصبحت مصر في ظل حكم مرسي أكثر فقراً وأكثر بطالة وأكثر خيبة للأمل. والشباب في ميدان التحرير غاضبون ليس فقط لأنهم كذبوا عليهم بأن وضعهم سيتحسن، بل لأنهم أضافوا إلى هذه الكذبة ما يعتبرونه جريمة، أي التدهور السريع في اتجاه الإسلام. فالتخوف الواضح الذي ظهر في وسائل التواصل الاجتماعي ودفع بالكثيرين للخروج إلى الشارع، عكس الشعور بضرورة وقف المد الإسلامي الآن وإلا فإن هذا لن يجري أبداً.
- وهذا هو سبب التدخل الحاد والسريع للجيش، فالجيل الحالي لجنرالات الجيش المصري تعلم في الغرب ويتحدث الإنكليزية ويرغب بالتقدم. وهو لا يريد أبداً العودة 40 عاماً إلى الوراء، كما لا يريد أن تقلد مصر تركيا وتقوم بإقالات جماعية داخل المؤسسة العسكرية وبإرسال العسكريين إلى السجون.
- في الأمس كانت تقديرات الخبراء تميل إلى أن الجيش لن يتدخل بصورة انقلاب كامل، ففي جميع الثورات والاحتجاجات نجح الجيش المصري في البقاء جيش الشعب وأن يتعالى على الخلافات. وهو يتخوف من أنه إذا سيطر على الحكم بالقوة، فسيقف ضده معسكر المعتدلين ومعسكرالإسلاميين في آن معاً، لذا فمن المنتظر أن يحاول الجيش التوصل إلى تسوية تؤدي إلى موافقة مرسي على التنحي وتشكيل مجلس موقت وإجراء انتخابات عامة تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد في مصر.
- وتلقت القاهرة رسائل في هذا الشأن من الولايات المتحدة التي تحاول ترميم مكانتها في المنطقة بسبب السياسة المترددة التي انتهجتها خلال العامين الأخيرين، وثمة تخوف أميركي من أن تنعكس الفوضى في مصر على الشرق الأوسط بأكلمه، بما يؤدي إلى بروز عناصر أكثر تطرفاً في مصر تمد أذرعها إلى كل مكان.
- ثمة مخاوف مشابهة في إسرائيل. صحيح أن مرسي كان معادياً لإسرائيل، لكن ولايته امتازت بالموقف الحازم حيال حركة "حماس" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، الأمر الذي خدم أكثر من مرة المصلحة الإسرائيلية. وصحيح أن علاقات القاهرة بإسرائيل كانت باردة ظاهراً، لكن بعيداً من الأنظار بقيت علاقات العمل وثيقة وظلّ التعاون الاستراتيجي كبيراً. وعلى الأرجح، فإننا سنحافظ على هذه العلاقات ما استمر تدخل الجيش المصري قائماً.